الخميس، 23 أبريل 2015

تجار العلم وتجار ‏الدين - د/ منى زيتون

تجار العلم وتجار الدين!

د/ منى زيتون

13 سبتمبر ‏‏2015‏

http://www.arabpens.com/2015/09/blog-post.html

مزيد الأحد 28 يوليو 2019

http://www.almothaqaf.com/a/qadaya2019/938708

في مقالي "الإسلام السياسي والإشراط الكلاسيكي" تناولت كيف يخلق اقتران الدين ببعض الأشخاص مصدرًا لثقة فيهم قد لا يستحقونها، عندما تكون لهم مآرب من إظهار هذا الاقتران المزيف. وهذه الفئة من البشر أزعم أن الوعي زاد تجاهها وانكشف كثير منهم وأصبح يُطلق عليهم اسم (تجار الدين).

وفي هذا المقال نتحدث عن فئة أخرى من المتاجرين الذين لم تزل عيون الناس مغشاة عنهم، خاصة الشباب من صغار السن وبعض المهووسين بالغرب من دعاة العلم والفكر، ممن لم يكتشفوا بعد أن هناك من يتاجرون بالعلم، وليسوا بأقل سوءًا ممن يتاجرون بالدين.

مثلما يشكل الدين مصدرًا لاستجابة ثقة عند اقترانه بالناس، يشكل العلم مصدرًا لاستجابة الثقة عند كثيرين، فلطالما وثق الناس في عصرنا في حيادية وموضوعية العلوم البحتة والتطبيقية، ولكن للأسف مثلما لم يعد كثيرون من مرتدي عباءة الدين يستحقون أن نثق فيهم فقد علا هرم كثير من المحافل العلمية من يوظفون ما يُدّعى كونه علمًا لخدمة أيديولوجيات فاسدة، أو يبحثون به عن وسائل للترقي في سلم الأستاذية والتثبيت الوظيفي بنشر هراء مرضي عنه ومطلوب نشره، أو يستغلون العلم ويشوهونه لأجل مكاسب اقتصادية، أو يحجبون نتائج بعض الأبحاث لأغراض سياسية أو تجارية.

وكي تضح تلك الأهداف المشينة لا بد من ضرب بعض الأمثلة للتدليل على واقع لا يعيه كثيرون ممن لا زالوا يثقون ثقة عمياء في كل ما يُنشر من نتائج الأبحاث.

لعل كثيرين من المتتبعين للعلوم الحديثة يسمعون عن طرق حساب عمر الأرض والصخور وعظام المتحجرات، والتي يؤكد مدعو العلم لمن وثقوا فيهم أنها طرق تعطي نتائج مؤكدة، لكن الحقيقة المرة أن نتائج أغلبها مضللة وغير سليمة، وتتضارب نتائج العمر التي يمكن أن تعطيها تلك الطرق للصخرة أو المتحجرة الواحدة بدرجات لا يمكن التغاضي عنها، ولنا حديث مطول عنها في مقال "تقديرات عمر الأرض"، والأدهى أن يتم استغلال تلك النتائج لاستخلاص نتائج أكثر زيفًا لتأكيد أيديولوجيات فاسدة.

فالتقنية المستخدمة لتأريخ وتحديد عمر الصخور بالطريقة الإشعاعية، اعتمادًا على النشاط الإشعاعي لنظائر العناصر الطبيعية، والمسماة التأريخ الإشعاعي الراديومتري Radiometric dating، تُستخدم لقياس وتحديد آخر زمن ‏حدث تغير بالصخر فيه، سواء حدث التغير للصخر بإذابته بفعل الحرارة من باطن الأرض أو تغيره إلى حالة أخرى أثرت ‏عليه لكي تبدأ عناصره المشعة بالتجانس، والبراكين حين تثور وتخرج حممًا لا يمكن لأحد ‏الادعاء بأن آخر زمن تغير حدث في الصخر كان من آلاف أو ملايين السنين، ولكن هذا ما ‏يحدث فعليًا عند قياس عمر صخور البراكين التي ثارت حديثًا باستخدام المقياس الإشعاعي! فكيف يمكن أن تصدق طريقة تخبرك أن عمر صخور بركان هي عدة ملايين من السنين، بينما أنت تعلم أن البركان قد ثار لآخر مرة فقط قبل عدة عقود وفي القرن الماضي؟‏!

وأيهما تصدق؛ عمر الصخور الذي حصلت عليه باستخدام نظام نظائري أم ذاك العمر الذي أعطاك إياه نظام نظائري آخر؟! فهل تثق في طريقة الكربون أم طريقة بوتاسيم – أرغون أم طريقة روبيديوم – سترونشيوم؟! وكل منها تدعي أنها تعيدنا إلى الوراء لمعرفة العمر الحقيقي للمادة! بينما الحقيقة أن العلماء يحددون العمر المتوقع، وبناءً على توقعهم يحددون الطريقة الأنسب! وفي العادة يجربون عدة طرق تعطي كل منها نتيجة مختلفة ومتباينة للغاية، وتصل الفروق أحيانًا في العمر المقدر من طريقة لأخرى إلى مليارات السنين! لكنهم يتخيرون النتيجة التي تتفق مع توقعاتهم! ويلقون بنتائج الفحص الأخرى وكأنها لم تكن! فهل هذا علم؟! بل هل هذا منطق؟! وإن لم يكن هذا استدلال دائري فماذا عساه يكون؟!

لكن هناك إصرارًا على هذه الطريقة التي يستخدمها علماء الجيولوجيا والتطور بدلًا من الاعتراف أنها فاشلة، والسبب الظاهري الذي يتم الدفع به في وجوه المهاجمين أنه لا توجد طريقة بديلة لقياس أعمار الصخور والمتحجرات، وعليه ينبغي مراكمة استنتاجات أعلى يُدعى أنها علمية من استقراء نتائج طرق التأريخ الراديومتري تعمل على إثبات أعمار زمنية زائفة تصل لملايين وملايير السنين لصخور وعظام لم تبلى تُستخدم لإعطاء موثوقية وصدقية علمية لنظريات لا تستحقها، ولا مانع من اتهام مهاجمي الطرق الزائفة بالجهل وإنكار العلوم جميعها، فهناك مافيا كبيرة تعيش على ذلك الإفك، ما بين مؤدلِجون وواضعو نظريات وأساتذة جامعات يطلبون الترقية السهلة التي تجد جهات تدعمها فينشرون المرغوب فيه دون الاصطدام بمحاولة إظهار حقائق غير مرغوب فيها، ويصحب الكشف عن كل حفرية ضجة إعلامية، وتأليف كتب وبيع بوسترات ودخل للمتحف الذي اقتناها من بيع البطاقات، وإعداد أفلام وثائقية، واستثمارات بالملايين.

ولأعطي مثالًا آخر أقرب لاهتمامات عامة الناس. نعرف جميعًا كيف أصبح التنحيف هاجسًا يراود كثيرين، وكيف يتم تناول أخطار السمنة على كل أجهزة الجسم بحيث يصاب بعض الناس بالهلع إن زاد وزنهم مائة جرام، ولكن ماذا لو عرفنا أن الاستقراء المنصف لنتائج الأبحاث العلمية من خلال الأرقام –والتي لا تكذب ولا تتجمل- يؤدي بنا إلى نتائج تختلف عن المراد لنا فهمها. إجمالًا يمكن القول إن امتلاء الجسم بنسبة تزيد 10% عما يُعرف بالوزن المثالي يُعد أفضل للصحة العامة للجسم مقارنة بكل من السمنة المفرطة أو النحافة، بل إن بعض الدراسات أظهرت أن النحفاء تزيد لديهم مخاطر الإصابة بأمراض القلب مثلهم في ذلك مثل البدناء، وأن الطبيب الذي يطلب من مريضه المصاب بالقلب أن يتبع حمية غذائية قاسية لتخفيض الوزن قد يتسبب في أن يلقى المريض حتفه.

ومثل هذه النتائج التي تظهرها الأرقام في الجداول المصاحبة للدراسات يتم التحايل عليها عند عرض النتائج المستخلصة، بحيث لا يتم إجراء مقارنة ثلاثية بين (النحافة- الامتلاء- السمنة)، بل يتم عمدًا إدراج نتائج الممتلئين مع البدناء وإجراء مقارنة ثنائية بين (النحافة- السمنة) إمعانًا في تضليل القارئ؛ لأن بيزنس النحافة والمسوقين لها قد يتضررون إن قنع الناس بتخفيض أوزانهم إلى حدود معقولة يمكنهم الوصول إليها دون أجهزة رياضية وحبوب تخسيس وغيرها.



وإن تحدثنا عن البيزنس القذر فلا يمكن تجاهل شركات الأدوية، والتي ليس سرًا أنها تُخلِّق الفيروسات وتنشرها لصنع أوبئة، ثم تُظهر الأدوية التي أعدتها مسبقًا لعلاج ما أفسدته. ومنذ سنوات قلائل سمعنا عن فيرس أنفلونزا الخنازير، وثبت لدى العلماء الحقيقيين في المختبرات أن هذا النوع من فيروسات الانفلونزا ليس نوعًا طبيعيًا بل هو نوع مُخلَّق ومحضر في المختبر، ولم تكن هذه هي الطامة الكبرى، فقد قامت إحدى شركات الأدوية العالمية بطرح لقاح للوقاية من الفيرس اشترته الكثير من الدول لتطعيم سكانها، ولأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يتلطف بسكان هذا الكوكب فقد قامت وزارة الصحة التشيكية قبل البدء في حملة التطعيم بتجريب اللقاح على حيوانات حية فأدت إلى موتها جميعًا! وبعد تحليل اللقاح اكتشفوا أن الفيرس حي في اللقاحات التي كان من المفترض أن يتم حقن البشر الأصحاء بها لحمايتهم وليس لإصابتهم بالعدوى كما أرادت لهم شركة الأدوية؛ أي أن شركة الأدوية كانت تخطط لنشر وباء عالمي يبيد ملايين من سكان الكرة الأرضية، وكي تكتمل المآساة لم تحقق منظمة الصحة العالمية مع الشركة بل منحتها عقودًا ضخمة لتطوير هذا اللقاح.

ولا يفوتنا عند الحديث عن تجار العلم ذكر مافيا سرقة وزراعة الأعضاء حول العالم، حيث يتم استغلال الفقراء من دول العالم النامي وقتلهم لأجل أن يحيا القادر على دفع ثمن الحياة.

والأمر لا يقتصر على نشر نتائج غير سليمة أو تحريف أخرى بل قد يتم حجب غير المرغوب في نشره. منذ أعوام كنت أعمل بإحدى الجامعات السعودية وكانت هناك فتاة أردنية حاصلة على الماجستير في الكيمياء الحيوية تعمل في قسم الأحياء بكلية العلوم، وأثناء حديثنا معًا تطرقنا إلى ظاهرة نقص فيتامين ب 12 لدينا في مصر، ما أدى إلى معاناة كثيرين من المصريين من النسيان على مستوى الذاكرة قصيرة المدى، فأخبرتني أنها كانت تعمل بالأردن في معمل للتحاليل الطبية، وكان الوضع لديهم بالأردن مماثلًا لما حكيت لها عنه في مصر بخصوص ذلك الفيتامين، فمن بين كل عشرة تحاليل تجريها يوميًا في المعمل على الأقل يكون سبعة أشخاص –وقد يزيدون إلى ثمانية أو تسعة- مصابين بنقص الفيتامين. لكن أهم ما في الأمر أنها أخبرتني أن هناك أبحاثًا أُجريت في الأردن أشارت إلى تأثير الإشعاعات المسربة من مفاعل ديمونة العجوز على امتصاص فيتامين ب ‏12‏، ولكن تم منع نشرها لأسباب سياسية. وبغض النظر عن القيمة العلمية لتلك الأبحاث فما يهمنا هو مبدأ عدم النشر.

والأمثلة كثيرة، وأحيانًا تكون طريفة، فهناك دراسة عجيبة تكرر نشرها عدة مرات على كثير من المواقع الالكترونية توصي بعدم غسل الدجاج قبل طهيه، كي لا تنتشر البكتريا منه إلى المطبخ؛ والمطلوب أن نضعه في إناء الطهي كما هو ببقايا الدماء فيه!

والخلاصة.. لا تكن ساذجًا وتصدق كل ما يُقال لك باسم العلم دون تمحيص؛ فالخرافات لم تنتشر فقط في العصور القديمة، وليس جاليليو فقط من حورب لأجل إخفاء حقيقة دوران الأرض، فكم من علم مزيف يُشاع في عصرنا أنه حقيقة، وكم من حقائق علمية يتم التكتم عليها.

فهرس مقالات مدونة نقد التطور- د/منى أبو بكر زيتون

مقالات مدونة نقد التطور مجموعة في كتاب بعنوان "الإلحاد والتطور.. أدلة كثيرة زائفة" يمكن تحميل نسخة pdf عبر الرابط https://p...