الخميس، 23 أبريل 2015

خرافة الأعضاء الأثرية كدليل على التطور- د/ منى زيتون

خرافة الأعضاء الأثرية كدليل على التطور

د/منى زيتون

مُستل من كتابي "الإلحاد والتطور.. أدلة كثيرة زائفة"

الخميس 2 مارس 2017

https://www.sasapost.com/opinion/members-myth-archaeological-evidence-for-evolution/

 

تفترض نظرية التطور أن الأنواع الجديدة هي نسخ معدلة من أسلافها القديمة، وهذا الافتراض ينافي التصميم ونشوء الصفات من عدم، ويقتضي وجود تعديلات مستمرة على الأنواع وبقاء آثار على هذه التعديلات.

وفي كتابه "أصل الأنواع" تحدث دارون عما أسماه بالأعضاء الأثرية غير المكتملة rudimentary، والضامرة  atrophied، والمبتسرة  aborted قائلًا: "الأعضاء أو الأجزاء الجسدية ‏‏الموجودة في هذه الحالة الغريبة، التي تحمل الطابع الخاص بعدم الجدوى، شائعة إلى حد بعيد، أو حتى أنها ‏‏عامة في جميع أرجاء الطبيعة".‏

“Rudimentary, atrophied, or aborted organs. Organs or parts in this strange condition, ‎‎bearing the stamp of inutility, are extremely common throughout nature.”

ويعطي ريتشارد دوكنز البيولوجي التطوري الشهير في كتابه "أعظم استعراض على ظهر الأرض.. الدليل على التطور" The Greatest Show on Earth -The Evidence for Evolution  تعريفًا مشابهًا للعضو الأثري. فهو يعرف العضو الأثري بأنه أثر باقٍ ليست له وظيفة لدى النوع، كان يؤدي وظيفة عند أسلاف النوع.

ويعرف راستوجي Rastogi في كتابه المرجعي "علم الأحياء المعاصر Modern Biology”  (ص 76) الأعضاء الأثرية –والتي يعدها أحد الأدلة على التطور- على أنها:

"الأعضاء الأثرية هي أعضاء بدائية أو ضعيفة النمو أو أجزاء من الجسم غير وظيفية وغير مفيدة للفرد الذي توجد لديه، ولكنها كانت وظيفية في الأسلاف، وهي متطورة بشكل كامل ووظيفية في الأشكال ذات الصلة".

“Vestigial organs are rudimentary or poorly developed organs or body parts that are nonfunctional and useless to the possessor but were functional in the ancestors and are fully developed and functional in related forms.”

وعليه فالعضو الأثري -وفقًا للتطوريين- هو عضو كان يقوم بوظيفته في الماضي لدى أسلاف النوع، وعندما قلت حاجة النوع الحي إليه ضمر ولم يبق منه سوى أثر، ولكن يمكن أن نشاهده يؤدي وظيفته في أنواع أخرى. ومن ثم فهم يعتبرون وجوده لدى النوع الذي لا يستخدمه دليلًا على حدوث التطور.

ويمكن القول إن منظور التطوريين للأعضاء التي يصفوها بالأثرية هو منظور لاماركي، فكما أنهم يعتقدون في إمكانية توريث الصفات المكتسبة، فهم يرون أن الأعضاء التي لا تُستخدم تضمر!

ولعل من أهم الإشكاليات لدى التطوريين حيادهم عن الهدف، وكما أنهم يفترضون أن أي طفرة تركيبية أو حتى تعبيرية في الجينوم دليل على التطور، ويتناسون أن المطلوب الاستدلال على تكون جين وظيفي لإثبات التعقيد والترقي الذي ينتج التطور كما يفترضونه، فهم أيضًا يكثرون من الحديث عن أعضاء بلا وظيفة –رغم ما ثبت لها من وظائف- لكن السؤال الأهم: هل يقدم وجود هذه الأعضاء دليلًا على حدوث تعقيد البنية أو نشوء الوظيفة؟! 

 

البِنى الانتقالية والأعضاء الأثرية والتأسل الرجعي

كان دارون قد أشار في كتابه "أصل الأنواع" إلى أن "العضو الذي يستخدم من أجل غرضين، من الممكن أن يصبح أثريًا غير مكتمل أو مبتسرًا في غرض منهما، حتى ولو كان هو الغرض الأكثر أهمية، ويظل فعالًا بشكل كامل في الغرض الآخر".

“An Organ Serving for two purposes, may become rudimentary or utterly aborted for one, even the more important purpose; and remain perfectly efficient for the other.”

وأشار أيضًا إلى أن "الأعضاء الجسدية المفيدة، مهما يقل مستوى تكوينها، إذا لم يتوافر لدينا أي سبب يدعونا لافتراض أنها كانت متطورة بشكل مرتفع فيما مضى، فلا يجب اعتبارها غير مكتملة، فإنها قد تكون في حالة حديثة التولد، وفي طريقها إلى التقدم في اتجاه تطور أكثر". وهذه الأخيرة يشير إليها التطوريون الجدد باسم البنى الانتقالية، وإن كانوا لم يسموا أي منها! فلا توجد أدنى إشارة في كتبهم لأي عضو يعتبرونه في طريقه للترقي.

إذًا يُطلق التطوريون تسمية البِنى الانتقالية على البِنى التي يعتقدون أنه لم يتم اكتمالها حتى تحقق وظيفتها ‏المحتملة للنوع وفقًا للنظرية، بينما يُطلقون مسمى العضو الأثري على أي من الأعضاء التي ‏تمتاز بصغر الحجم وضعف التكوين، لدى مقارنتها بنظيرتها في الأنواع ‏القريبة منها أو كما يقول التطوريون لدى مقارنتها بالنوع السلف، ويدّعون أنه ناتج عن سمكرة ‏التطور ولا زال في طريقه للاستبعاد لأنه بلا وظيفة.‏

وعليه فإنه يوجد فرق بين مصطلحيّ البِنى الانتقالية والأعضاء الأثرية، ويعتبرهما أنصار نظرية التطور من أقوى الأدلة التي يحاجون بها على صحة النظرية منذ عهد دارون، كما تستخدم كأحد الأدلة على حدوث التطور في النظرية التركيبية الحديثة.

وسنرى الآن عند مراجعة أشهر ما يعرضونه من الأعضاء الأثرية ويشككون في جدوى وظيفتها أن ادعاءاتهم عارية عن الصحة، علمًا بأنه إن كانت هذه الأعضاء التي يسمونها أثرية حقًا بلا وظيفة فكيف يستدلون بها على حدوث التعقد ونشوء الوظائف؟! ثم إن عليهم أن يخبرونا عن الطريقة التي يمكن بها أن نختبر فرضية أن عضوًا ما في طريقه لتطور أكبر أو في طريقه للزوال!

وهناك أيضًا تصور لدى التطوريين بوجود أعضاء متأسلة عادت في الكائن بعد ‏أن كانت قد غابت عنه تشبهًا بالأسلاف، فيما يُعرف باسم التأسل الرجعي، وسيأتي الحديث عنها والرد على شبهتها في مقال كامل.

تغير النظرة إلى الأعضاء الأثرية

مع تزايد المعرفة العلمية وتضاعفها في القرن العشرين، خاصة فيما يتعلق بجسم الإنسان، تغيرت النظرة التي أصبحت تُنظر لتلك ‏الأعضاء المسماة أثرية من قبل العديد من البيولوجيين.‏ ولنقرأ الفقرة التالية من مجلة ‏newscientist‏:

"الأعضاء الأثرية كانت منذ فترة طويلة مصدرًا للحيرة والإغضاب للأطباء، والسحر بالنسبة للبقية ‏منا. في عام 1893 أعد عالم التشريح الألماني ‏Robert Wiedersheim‏ قائمة من 86 عضوًا ‏أثريًا لدى الإنسان، وهي الأعضاء "التي كانت سابقًا لها أهميتها الفسيولوجية أكثر مما هي عليه ‏الآن" (والقصد أنه كانت لها أهميتها الفسيولوجية لدى سلف الإنسان وفقًا للتطوريين).‏

على مر السنين، نمت القائمة، ثم انكمشت مرة أخرى. اليوم، لا أحد يستطيع أن يتذكر النتيجة. ‏حتى اُقترح أن المصطلح ملغي ومفيد فقط كانعكاس لمعرفتنا التشريحية اليوم.‏

في الواقع، في هذه الأيام العديد من علماء الأحياء حذرون للغاية من الحديث عن أعضاء أثرية ‏على الإطلاق.‏"

“VESTIGIAL organs have long been a source of perplexity and irritation for doctors and of fascination for the rest of us. In 1893, a German anatomist named Robert Wiedersheim drew up a list of 86 human ‎‎"vestiges", organs "formerly of greater physiological significance than at present". Over the years, the list grew, then shrank again. Today, no one can remember the score. It has even been suggested that the term is obsolete, useful only as a reflection of the anatomical knowledge of the day. In fact, these days many biologists are extremely wary of talking about vestigial organs at all‏.‏

http://www.newscientist.com/article/mg19826562.100-vestigial-organs-remnants-of-evolution.html

وفي مقال على موقع مجلة ناشيونال جيوغرافيك بعنوان “Vestigial Organs Not So Useless After All, Studies Find” جاء فيه:

"الزائدة الدودية، واللوزتين، والأوردة الزائدة عن الحاجة -كلها أجزاء أثرية من الجسم كانت تعتبر ذات يوم قابلة للتغيير، إن لم تكن عديمة الفائدة تمامًا.

ولكن مع تقدم التكنولوجيا، وجد الباحثون، في كثير من الأحيان، أن بعض هذه "الأجزاء غير المرغوب فيها" تعمل بجد في الواقع.

“Appendix, tonsils, various redundant veins—they're all vestigial body parts once considered expendable, if not downright useless.

But as technology has advanced, researchers have found that, more often than not, some of these "junk parts" are actually hard at work.

http://news.nationalgeographic.com/news/2009/07/090730-spleen-vestigial-organs.html

مراوغة التطوريين بشأن مفهوم الأعضاء الأثرية

بالرغم من تغير نظرة العديد من علماء الأحياء إلى تلك الأعضاء التي طالما اُعتُبرت أثرية لا وظيفة لها، فإن أنصار نظرية التطور لا زالوا يحتجون بها تدليلًا على صحة النظرية.‏

من ذلك ما أورده جيري كوين في كتابه "لماذا التطور حقيقة؟" (why evolution is true) من أن الحيتان هم كنز مكتشف من الأعضاء الأثرية! ويدعي أن قائمة الأعضاء الأثرية في الحيوانات يمكن أن تملأ دليلاً كبيرًا! ويضيف بأن البشر لديهم الكثير من الصفات الأثرية التي تثبت أنهم تطوروا، ويدعي منها الزائدة الدودية!

وبالرغم من ذلك فقد تقلصت القائمة الخاصة بالإنسان كثيرًا، ووفقًا لأحدث قائمة لها والتي نُشرت في مجلة live science فقد قلصوا العدد إلى 5 أعضاء أثرية في جسم الإنسان  5 Useless Body Parts هي: الزائدة الدودية، والعصعص، وحلمات الذكور، وعضلة الشعرة وشعر الجسم، وأضراس العقل The Appendix, The Tailbone, Male Nipples, Erector Pili and Body Hair, and Wisdom Teeth.

https://www.livescience.com/21513-vestigial-organs.html

وسنرى في هذا المقال إن كانت هذه الأعضاء الخمسة وغيرها حقًا أثرية بلا وظيفة!

والتفسير التطوري لوجود تلك الأعضاء على هذا النحو الضامر –وفقًا لتصورهم- ينبني على ادعاء حدوث تغيرات بيئية محيطة بالنوع أو تغيرات نمط ‏حياته ما أفقد النوع الاحتياج إلى الوظيفة التي كان يؤديها العضو، ولكنه بقي كأثر على وجوده لدى أسلاف النوع.

بينما يفسر أصحاب نظرية التصميم الذكي وجود تلك الأعضاء بأنها خُلقت ابتداءً كما هي عليه لتؤدي وظيفة للنوع، لكنها تختلف عن ‏وظائفها المعتادة لدى أنواع أخرى. على سبيل المثال فإن أثقال ذوات الجناحين‎ ‎تساعد في موازنة الحشرة أثناء ‏طيرانها، وجناحا النعامة يستخدمان في طقوس التزاوج كما أنهما يشبهان الأشرعة ولازمان لاتساق تصميم النعام مع ‏سائر المخلوقات ذوات الأربع.‏

والغدة النخامية والغدة الصنوبرية أيضًا اعتُقد قديمًا أنهما من الأعضاء الأثرية، ثم بعد التوسع في دراسة فسيولوجيا الغدد واكتشاف وظائف لسائر الغدد ومعرفة وظائف ‏الهرمونات وأدوارها المهمة التخصصية في العمليات الحيوية لم يعد هناك مجال للشك في وظيفتيهما.

وكما يرى منظرو التصميم الذكي فإنه وإن لا زالت قلة من تلك الأعضاء لم تُعرف لها ‏وظيفة، فهذا ليس مبررًا كافيًا للمغالطة بشأن عدم وجود وظيفة ‏لها فهي حُجة من جهل، ثم إن هذه التراكيب لم تقلل قدرة الكائن على التكيف ‏مع بيئته، ولا يوجد دليل على أنه سيكون بغيرها أفضل، وافتراض عدم وجود وظيفة للعضو بناء على صغر حجمه مقارنة بما في أنواع أخرى هو افتراض يخلو من المنطق.

وكعادة التطوريين فقد راوغوا وأصبحوا يجمعون بين التمسك بالأكاذيب نفسها عن عدم وجود وظيفة لبعض الأعضاء في جسم الإنسان وأجسام الحيوانات التي يعدونها أعضاء أثرية رغم ما ثبت من وجود وظائف لها، وفي الوقت ذاته يضمنون في كتاباتهم تعريفًا آخر للأعضاء الأثرية باعتباره ليس عديم الجدوى، وإنما هو أثري ووظيفي في الوقت نفسه! فيدّعون أنه تطور وتغيرت وظيفته ليؤدي وظيفة تختلف عن الوظيفة الأصلية لدى أسلاف النوع!

يقول جيري كوين في كتابه Why Evolution Is True? "لماذا التطور حقيقة؟": "دائمًا ما يقول معارضو التطور بالجدلية نفسها عندما يُستشهد بالسمات الأثرية كدليل على التطور، يقولون: السمات ليست بلا فائدة، فهم إما مفيدون لشيء ما، أو إننا لم نكتشف بعدُ لأجلِ ماذا هي. هم يدعون -بعبارة أخرى- أن السمة لا يمكن أن تكون أثرية إن كانت لا يزال لها وظيفة، أو وظيفة لم تُكتشَف بعد. لكن هذا الجواب يفتقد غرضه. فالنظرية التطورية لا تقول إن الخصائص الأثرية ليس لها وظيفة بالضرورة. فيمكن لصفة أن تكون أثرية ووظيفية في الوقت نفسه. إنها أثرية ليس لأنها لا وظيفية، بل لأنها لم تعد تقوم بالوظيفة التي تطورت لأجلها".

بمعنى أدق فإنه يتوقع أن الصفات السلفية سوف تطور استعمالات جديدة، وأن هذا هو ما حدث تمامًا –على حد زعمه- عندما بنى التطور صفات جديدة من القديمة.

وجيري كوين في هذا يناقض ما ذكره في الكتاب نفسه. يتحدث جيري كوين، لكن في مواضع أخرى من الكتاب، عن الأعضاء الأثرية فيقول مثلًا:

*وجود سمات أثرية ليس لها فائدة واضحة.

*التراكيب الأثرية اللاوظيفية.

*أعضاء أثرية، التي يكون لها منطق فقط كبقايا سمات كانت قديمًا مفيدة في سلف.

بينما يقول في الكتاب نفسه عن جناحي النعام إنهما صفة أثرية: سمة لنوع كانت تكيفًا في أسلافه، لكنها اكتسبت استعمالات جديدة.

وهذا التناقض قديم قدم النظرية، إذ كان دارون أول من تحسب له بدهاء في كتابه "أصل الأنواع"، فذكر التصور باحتمال أن يكون العضو أثريًا لأنه فقد الوظيفة الأساسية مع وجود وظيفة أخرى له من البداية، كما ذكر في السياق‏ تغير وظائف العضو الأثري.

يقول دارون: "أي تغيير في التركيب أو الوظيفة، الذي كان من الممكن أن يحدث عن طريق مراحل ‏صغيرة، يقع في نطاق القدرة الخاصة بالانتخاب الطبيعي، وبهذا الشكل فإن العضو الجسدي الذي يتم تغييره، ‏من خلال السلوكيات الحياتية التي تغيرت، إلى عضو بدون فائدة أو ضار لأحد الأغراض، من المحتمل أن يتم ‏تعديله، وأن يتم استخدامه من أجل غرض آخر. ومن الممكن أيضًا الاحتفاظ بعضو جسدي من أجل وظيفة ‏واحدة فقط من وظائفه السابقة".‏

“Any change in function, which can be effected by insensibly small steps, is within the power of natural selection; so that an organ rendered, during changed habits of life, useless or injurious for one purpose, might easily be modified and used for another purpose. Or an organ might be retained for one alone of its former functions.‎"

ولكن لأنه يتناقض يقول دارون في فقرة أخرى: "يبدو أنه من المؤكد أن عدم الاستخدام كان هو العامل الأساسي في جعل الأعضاء الجسدية غير مكتملة، وأنه سوف يقود أولًا عن طريق خطوات بطيئة إلى الاختصار الكامل بشكل أكثر فأكثر لأحد الأجزاء الجسدية، إلى أن يصبح في النهاية في حالة غير مكتملة".

ويقول أيضًا: "إذا كان من الممكن إثبات أن كل جزء خاص بنظام التعضية يميل إلى أن يتمايز بدرجة أكبر في اتجاه الإقلال بدلًا من الزيادة في الحجم، فعندئذ فإننا سوف نكون قادرين على فهم كيف أن أحد الأعضاء الجسدية الذي قد أصبح عديم الفائدة، من الممكن، بشكل مستقل عن التأثيرات الخاصة بعدم الاستخدام، أن يصبح غير مكتمل، وأن يتم في نهاية الأمر طمسه بشكل كامل".

وخلاصة رأي دارون رغم مراوغته أنه كان يتبنى تصورًا عن فقد وظيفة العضو الأثري ثم اختزاله وأنه مرشح للاختفاء مع استمرار التطور. كما أن دارون عندما يتحدث عن تعديل العضو لأداء وظيفة أخرى لا يعني بالضرورة أن تلك الوظيفة الأخرى هي وظيفة جديدة ‏ناشئة، بل قد تكون وظيفة سابقة للعضو لكنها ليست وظيفته الأساسية وفقًا لتصوره. ومن أمثلة ذلك نوعية الوظائف ‏التي تؤديها أجنحة الطيور التي لا تطير، ومنها النعام، وهي وظائف ليست جديدة للأجنحة كما يدعي جيري ‏كوين.‏

من ثم فأنصار التطور المعاصرون يفترضون تعريفين ينتقون من بينهما وفقًا لما يستدلون عليه؛ فالأعضاء الأثرية إما أنها فقدت وظيفتها على نحو كامل؛ فهي أثرية غير وظيفية، أو هي أثرية ولكن لها وظائف جديدة!

فإن أخذنا بالتعريف على أساس عدم وظيفية الأعضاء التي يدعى أنها أثرية، فكل ما ادعى بشأنها من أعضاء توجد دلائل على وجود وظائف لها، كما أن هذا التعريف هو المفهوم المطروح عنها والمعترف به في الدوائر العلمية؛ فالمراجع المتخصصة تذكر تعريف (عدم الوظيفية) للأعضاء الأثرية، وكذا التطوريون في كتاباتهم، ومن أهم ما ينكرون وجود أي وظيفة له بتاتًا حلمات الثدي لدى الرجال وأضراس العقل‏.

وأما محاولة تعريف العضو الأثري على أساس حدوث تغير في وظيفته؛ للتهرب من ثبوت وظائف لعدد كبير مما تم اعتباره أعضاءً أثرية، فهي محاولة لا علمية ولا يمكن اختبارها ولا التدليل على صحتها، فما أدراكم أنه كانت هناك وظيفة قديمة للعضو لدى السلف المنقرض المدّعى، وعلى أي أساس تفترضون تغيرها.

يقول فيلسوف العلم  كارل بوبر: "بعض النظريات القابلة للاختبار بصدق، عندما يتبين أنها خاطئة، يبقى المعجبون بها على تأييدها. على سبيل المثال من خلال تقديم بعض الافتراضات المساعدة، أو عن طريق إعادة تفسير النظرية الخاصة بطريقة تفلت من التفنيد. مثل هذا الإجراء ممكن دائمًا، لكنه ينقذ النظرية من دحضها فقط على حساب تدمير، أو على الأقل خفض مكانتها العلمية".

“Some genuinely testable theories, when found to be false, are still upheld by their admirers—for example by introducing ad hoc some auxiliary assumption, or by reinterpreting the theory ad hoc in such a way that it escapes refutation. Such a procedure is always possible, but it rescues the theory from refutation only at the price of destroying, or at least lowering, its scientific status.”

Popper, Karl (1963), Conjectures and Refutations, Routledge and Kegan Paul, London, UK. Reprinted in Theodore Schick (ed., 2000), Readings in the Philosophy of Science, Mayfield Publishing Company, Mountain View, Calif.

ولأن نظرية التطور تفترض حدوث تغيرًا في أعضاء الأنواع الحية تجعلها تتبدل مع الزمن إلى أنواع أخرى، فمطاوعة التطوريين في مراوغتهم هذه ستقود بعد ذلك إلى افتراض أن كثيرًا من الأعضاء الوظيفية للأنواع الحية المعاصرة –وعلى رأسها الإنسان- هي أعضاء أثرية تبدلت وظيفتها عن الوظيفة التي كانت تقوم بها في السلف المدعى!

والآن عودة إلى مفهوم الأعضاء الأثرية غير الوظيفية، ومنها أعضاء يصر التطوريون على عدم وجود وظيفة لها بتاتًا، لنناقش ما ثبت من وظائفها.

أشهر الأعضاء الأثرية


الزائدة الدودية في الإنسان Vermiform appendix

أشهر الأمثلة التي يضربها التطوريون على الأعضاء الأثرية هي الزائدة الدودية لدى الإنسان، وهي إسطوانة رفيعة مسدودة النهاية بطول القلم (يتراوح طولها بين 2: 20 سم، وقُطرها حوالي 7ملم) عند التقاء الأمعاء الدقيقة بالغليظة.

كان الاعتقاد التطوري بأنها من الأعضاء الأثرية لأن لها قدرة على هضم السليلوز في أمعاء الحيوانات العواشب، بسبب وجود بكتريا تكافلية فيها، وهو ما تفتقده الزائدة الدودية في الإنسان. كما أنه بمقارنة حجم الزائدة الدودية عند آكلات الأعشاب مثل الأرانب والكانجارو بحجمها عند آكلات ‏اللحوم كالأسود والذئاب، فإنها تكون كبيرة لدى العواشب، بينما تكون صغيرة لدى آكلات اللحوم. وهو ما رأى فيه التطوريون دليلًا على ‏انحدارنا كبشر من أنواع كانت في الماضي البعيد تتغذى على نباتات وأعشاب وأوراق نباتات بصورة أساسية، وأنه لمّا كان ‏الإنسان الأول يعتمد على الأعشاب والحشائش في غذائه استُخدمت الزائدة الدودية، ثم عندما توقف الإنسان عن أكل الأعشاب والحشائش ضمرت واختزلت بعد حدوث طفرات.

لكن تغير الاعتقاد السائد بأن ليس للزائدة الدودية فوائد؛ ولعله لا يوجد مرجع طبي حاليًا لا يذكر أن الزائدة الدودية تحتوي نسيجًا لمفاويًا لتصفية البكتريا والفيروسات، وأن لها فائدة مناعية.

وقدم علماء المناعة دراسات تفيد أن الزائدة الدودية هي مكان تعيش فيه أنواع من ‏البكتيريا المفيدة في عملية الهضم، وأنها مسئولة عن تنظيم كم البكتيريا التي ‏يجب أن تكون في الجهاز الهضمي للإنسان، كونها تمده بهذه البكتيريا بعد الإصابة ‏بالأمراض الطفيلية والكوليرا وغيرها، بعد أن تكون هذه الإصابات المرضية ومعالجتها بالمضادات الحيوية قد ‏قضت على أغلب البكتريا النافعة في الأمعاء، فتدعم الزائدة نموها وزيادة أعدادها في الأمعاء من البكتريا المخزونة فيها، وعندما تُزال الزائدة يفقد الجسم خط حماية ضد هجوم أنواع كثيرة من البكتريا المعوية الضارة.

‏وإضافة إلى ذلك فقد ثبت وجود دور للزائدة الدودية في إنتاج الهرمونات في مرحلة التكوين ‏الجنيني، فهي تقوم بأداء وظيفة خلايا الغدد الصماء.‏

كما أنها تعزز مناعة الأطفال خصوصًا بتحفيز إنتاج أجسامهم للأجسام المضادة.

والدراسات السريرية التي اكتشفت علاقة الزائدة الدودية بالجهاز المناعي للإنسان عمرها ‏سنوات، ووفقًا لمقالة علىLive Science  فإن "الزائدة الدودية مفيدة، وفي الحقيقة واعدة"، The Appendix: Useful and in Fact Promising؛ أي أن العلماء ‏يتوقعون اكتشاف المزيد عن وظائفها.‏ جاء في المقالة:

"لطالما كان يُعتقد أن الزائدة الدودية في الجسم ليست أكثر من قطعة أثرية تطورية لا قيمة لها، ولا تفيد في شيء سوى حالة الالتهاب المميتة.

يقترح الباحثون الآن أن الزائدة الدودية هي أكثر بكثير من مجرد بقايا عديمة الفائدة. لم يُقترح مؤخرًا امتلاك وظيفة حرجة فحسب، لكن العلماء يجدونها الآن تظهر في الطبيعة كثيرًا أكثر مما كان يعتقد من قبل. ومن الممكن أن يستخدم الأطباء بعض الاستخدامات القديمة لهذا العضو لمساعدة جسم الإنسان على محاربة المرض بشكل أكثر فعالية.

بطريقة ما، أصبحت فكرة أن الزائدة الدودية عضوًا مضى وقته هي في حد ذاتها مفهومًا انتهى وقته".

            "The body's appendix has long been thought of as nothing more than a worthless evolutionary artifact, good for nothing save a potentially lethal case of inflammation‏.‏

Now researchers suggest the appendix is a lot more than a useless remnant. Not only was it recently proposed to actually possess a critical function, but scientists now find it appears in nature a lot more often than before thought. And it's possible some of this organ's ancient uses could be recruited by physicians to help the human body fight disease more effectively‏.‏

In a way, the idea that the appendix is an organ whose time has passed has itself become a concept whose time is over‏.‏"

http://www.livescience.com/10571-appendix-fact-promising.html‏‏

ولكن أحيانًا نقرأ لبعض أنصار نظرية التطور ممن يشككون في القيمة الوظيفية للزائدة الدودية قياسًا بما يمكن أن تسببه للإنسان من أذى نتيجة التهابها.

من ذلك ما ذكره جيري كوين في كتابه "لماذا التطور حقيقة؟" عن الزائدة الدودية "هل تقوم الزائدة بأي فائدة لنا على الإطلاق؟ إن تكن كذلك، فهذا غير واضح. فإن إزالتها لا ‏تؤدي إلى أية آثار جانبية سيئة أو زيادة معدل الوفاة (في الحقيقة، يبدو أن إزالتها تقلل التهاب ‏القولون). باحثًا حول الزائدة في كتابه الدراسي الجامعي الشهير (الجسم الفقاري)، علق عالم ‏الإحاثة ألفريد رومر Alfred Romer باقتضاب: "أهميتها الرئيسية تتبدى كدعم مالي لمهنة الجراحة". لكن ‏لنكون متحرين الدقة، ربما تكون ذات استعمال ضئيل".

ولم يخبرنا كوين ورومر لماذا أبقى الانتخاب الطبيعي الزائدة الدودية إن كانت سببًا رئيسيًا لوفيات الإنسان وليس لها فائدة قياسًا بالضرر من وجودها!

بينما المنطق يخبرنا أن احتمالية إصابة أي عضو بالتهاب لا تقلل من قيمة العضو حتى لو كان استئصاله ‏لن يؤدي إلى خسارة كبيرة للإنسان. والزائدة الدودية تحديدًا تؤدي في الأمعاء دورًا أشبه ‏بدور اللوزتين، واللوزتان قابليتهما للالتهاب معروفة، ولكن لم يدعِ عاقل أبدًا أن ‏الإنسان سليم اللوزتين من الأفضل له أن يزيلهما أو أن اللوزتين هما قنبلة موقوتة قد ‏تلتهبان في أي وقت. وربما لا يعرف كثيرون أن ملايين ‏حول العالم يموتون سنويًا بسبب التهاب الأمعاء، ومع ذلك لم نسمع عن أحد يدعي ‏أن الأمعاء قنبلة موقوتة!

ومن المفيد أيضًا أن نعرف أن نسبة من 25% إلى 30% من الحالات التي تُعالج بالجراحة لإزالة الزائدة الدودية ‏يُكتشف أنه لا وجود لالتهاب الزائدة أصلًا، بل يخضعون للجراحة لمجرد الشك ‏الطبي؛ لذا فإن نسبة كبيرة ممن يخضعون لعملية استئصال الزائدة الدودية هم من ‏سكان البلدان الغربية حيث تتوفر العناية الصحية مع خلفية لدى المرضى والأطباء ‏أن الزائدة لا فائدة منها ومن ثم يتم استئصالها لأقل شك، وتبلغ نسبة هؤلاء ‏حوالي 16% من سكان البلدان الغربية بحسب إحصاء أجري منذ سنوات.‏

كما أن نسبة الوفيات الإجمالية الناجمة عن الزائدة الدودية تقل عن 1%، وتحدث ‏أغلب الوفيات عند المرضى المسنين إما نتيجة التهاب منطقة البريتون (الانتان ‏الصفاقي) أو نتيجة مضاعفات لأمراض قلبية وعائية أو تنفسية أو كلوية، أي أن الوفاة ‏لا تعتبر كمضاعفات لالتهاب الزائدة وحسب.‏

ويبرر بعض التطوريين ممن يشككون في الأهمية الوظيفية للزائدة ويصرون على اعتبارها عضوًا أثريًا زائدًا نتيجة ‏لانحدارنا من سلف مشترك مع القردة، لاستمرار وجود الزائدة الدودية في جسم الإنسان وعدم اندثارها بأنه الخيار الأمثل للانتخاب الطبيعي! نقرأ على مجلة الساينتيفك أمريكان المعرّبة:‏

‏"إن مسيرة الانتقاء الطبيعي قد تقود إلى طريق مسدود مميت كما هو الأمر في حالة الزائدة ‏الدودية، وهي بقايا جوفٍ كان أسلافنا يستعملونه في عملية الهضم. وبسبب توقف هذا العضو ‏عن القيام بتلك الوظيفة ولأن إصابته بالعدوى قد تكون قاتلة، أصبح من المتوقع أن يقوم ‏الانتقاء الطبيعي بالتخلص من هذا العضو. ولكن الحقيقة أكثر تعقيدًا من ذلك، فالتهاب الزائدة ‏يحدث عندما يؤدي الالتهاب إلى حدوث تورم يضغط على الشريان الذي يزود الزائدة بالدم؛ إذ ‏إن الجريان الدموي يقي من تكاثر البكتيريا، ولذا فإن أي نقص في التروية الدموية يساعد على ‏حدوث الالتهاب الذي يزيد التورم. وإذا توقفت التروية الدموية تمامًا زاد نشاط البكتيريا من غير ‏عائق وأدى إلى انفجار الزائدة. وبشكل خاص تتعرض الزائدة الصغيرة الحجم إلى هذه السلسلة ‏من الأحداث، بحيث إن التهاب الزائدة يمكن أن يدفع عملية الانتقاء الطبيعي في الاتجاه الذي ‏يؤدي إلى الإبقاء على الزوائد الكبيرة الحجم. ولا يستطيع التحليل التطوري الادعاء بأن جسم ‏الإنسان بلغ حد الكمال، لا بل إنه يبيّن أن الإنسان يعيش حاملًا بعض المواريث غير ‏الملائمة وأن الانتقاء الطبيعي قد يكون السبب في استمرار الحفاظ على بعض نقاط الضعف ‏في جسم الإنسان".

http://www.oloommagazine.com/Search/Search_Details.aspx?ID=101‎‎5&kw=%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%AF%D8%A‎‎9%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9

من ثم، ووفقًا لما يورده التطوريون في هذه المقالة فالزائدة هي عضو أثري بلا وظيفة، ومع ذلك فهي مستمرة لم تندثر من جسم الإنسان بفعل الانتخاب الطبيعي، فهو الذي يحافظ عليها!

لكن الجميل أن النقاش حول أهمية وظائف الزائدة الدودية للإنسان قد خفّت حتى أن التطوريين على موقعهم الإخباري، في فبراير 2015، قد اعترفوا ‏بأهمية وظائف الزائدة الدودية، وبأنه قد حان الوقت لتغيير الكتب المدرسية.

The appendix: Darwinian scientists have claimed the appendix is a "vestige of our herbivorous ancestry,"161 and over eons of evolution its function in humans has been diminished, or lost. But it's now known that the appendix performs important functions, such as providing a storehouse for beneficial bacteria, producing white blood cells, and playing important roles during fetal development.162 In light of this evidence, Duke University immunologist William Parker observed that "Many biology texts today still refer to the appendix as a 'vestigial organ'" but "it's time to correct the textbooks."

https://evolutionnews.org/2015/02/problem_10_neo-091191.html

وهناك مقالات أخرى على الموقع ذاته تذكر الدراسات المستجدة التي أثبتت وظائف الزائدة الدودية، ولكن لأن النظرية مرنة وقابلة للمط في كل الاتجاهات، فهم بمنتهى التبجح بدأوا في توفيق تلك النتائج العلمية لإثبات نظريتهم، والادعاء أنها دليل عليها!

ومن أعجب ما يمكن أن نقرأ في هذا مقالة بعنوان "المنطق التطوري حول وظائف الزائدة: استخدام داروين لدحض داروين يثبت داروين" Evolutionary Logic About Functions of the Appendix: Using Darwin to Disprove Darwin Proves Darwin. ولا عزاء للمنطق مع هؤلاء!

https://evolutionnews.org/2009/09/evolutionary_logic_about_funct/

العُصعص Coccyx لدى الإنسان

العُصعص هو عظم مثلث الشكل ناتج عن اندماج في الفقرات السفلية من العمود ‏الفقري يلي العجز، حيث يتركب العصعص من أربع فقرات، الثلاث الأخيرة منها مندمجة غير مفصلية، ويمكن وصفه إجمالًا بأنه النهاية مثلثة الشكل للعمود الفقري للإنسان.


ويرتبط الجزء العلوي من العصعص ‏ بالعجز عن طريق مفصل غضروفي قليل المرونة. ويعتبر العجز حلقة الوصل بين العصعص والعضلات التي ترتبط به.

ويدعي التطوريون أن العصعص عضو أثري بلا ‏وظيفة، وأنه بقايا ذيل طويل ورثه الإنسان من أسلافه الفقاريات ذوات الذيل الطويل ولا زال لم يتخلص منه بالكلية، ويروج بعضهم ‏عنه ما يقولونه عن الزائدة الدودية إنه يمكن أن يعيش الإنسان بعد استئصاله دون أن ‏يتأثر.‏

والحقيقة الدامغة أن أجزاء جسم الإنسان ليست كلها بالأهمية ذاتها؛ فهناك أعضاء من الرتبة ‏الأولى كالقلب والمخ، وهناك أعضاء يعيش الإنسان بدونها ولكن تتأثر حياته بشكل دراماتيكي ‏كالعينين واليدين والقدمين، وهناك أعضاء قد لا يشعر بفرق كبير إن فقدها كاللوزتين والزائدة ‏الدودية والعُصعص، ولكن هذا لا يعني أنها بلا وظيفة. ‏كما أن وجود حالات مثبتة لحدوث التهاب فيها لا يعني أن ضررها أكثر من نفعها وأنها مسبب مرضي لا أكثر كما يتحايل التطوريون ليحيكوا كذباتهم بشأن هذه الأعضاء.

والثابت أن للعُصعص –وهو موضوع حديثنا- وظائف هامة. وبمراجعة كتب التشريح مثل “Gray’s Anatomy” نجد تأكيدًا على دور العصعص في تثبيت العضلات التي ترتبط مع قاعدة الحوض pelvic floor.

ومن أهم العضلات التي ترتبط بالعصعص والعجز العضلة الألوية الكبرى التي تمد الفخذ عند المشي، والعضلة التي تتحكم في إخراج البراز وتثبيت الشرج، كما يدعم العضلات التي تنظم عملية الولادة.

 

والمجمع عليه أن فقرات العصعص المدمجة تدعم الجسم وتمده بالتوازن، وتحمل وزن الجسم عند الجلوس، ويتحمل عليها أكبر نسبة من وزن الجسم عند الميل للخلف. helps bear weight and provide balance, especially when sitting or leaning backwards.

وللمزيد عن تركيب ووظيفة العصعص:‏

http://www.coccygectomy.org/2010/05/what-is-a-coccyx-and-what-does-it-do‏/‏

ويمكن القول إن نشرات وزارات الصحة في الدول الأوروبية في العقود الأخيرة قد تغيرت وصارت تُحرِّج على الأطباء الإشارة على المرضى بإزالة الأعضاء التي كان يُعتقد سابقًا أنها أثرية. ومن بين هذه الأعضاء الزائدة الدودية والعصعص وأضراس العقل.

ولكن جيري كوين يؤكد في كتابه أنه بالرغم من أن بعض العضلات المفيدة ترتبط بالعصعص لكنه يبقى عضوًا أثريًا؛ لأنه لم يعد يؤدي الوظيفة المتوهمة التي يفترض التطوريون أنه كان يؤديها للسلف المدّعى؛ بمعنى أدق لأن الإنسان ليس له ذيل أكرمكم الله!

حلمات الثدي عند الرجال WHY DO MEN HAVE NIPPLES?

يحتوي ثدي الرجل الأنسجة المنتجة للحليب نفسها الموجودة في ثدي المرأة لكن بحجم صغير ‏جدًا. وتكون أثداء الرجال البالغين مشابهة في تركيبها لأثداء البنات قبل دخولهن سن المراهقة، فأنسجة الثدي لدى الرجال –خلافًا للحال لدى الإناث- لا تتطور وتنمو لعدم وجود كميات مناسبة ‏من الهرمونات الأنثوية في أجسامهم.‏

وبالرغم من أن ثدي الرجل من الممكن ‏أن يفرز كمية بسيطة من الحليب في بعض الحالات النادرة إلاّ أنه غير مهيأ لإنتاج حليب ‏وافر بشكل متواصل كثدي المرأة. ومن ثم فقد اعتبره التطوريون عضوًا أثريًا ليس له وظيفة.‏

وأول إشكالية في افتراض أن حلمات الثدي عند الرجال هي عضو أثري من ‏سلف الإنسان أنه من المنطقي أن سلف ذكور الإنسان لا بد أن يكونوا ذكورًا، فهل كان الأسلاف الذكور يرضعون الصغار؟! لكن يدّعي التطوريون أصلًا تطوريًا أقدم لتلك الحلمات؛ إذ يفترضون أن الرجل تطور من المرأة فلذلك بقيت الحلمات؛ ولم يحاول التطوريون مطلقًا تفسير تكون الجنسين في كل نوع من الأنواع التي تتكاثر جنسيًا، حيث تتم الإشارة فقط إلى أن حواء هي الأصل، ‏وأن التكوين الجنيني يثبت هذا الزعم علمًا أنه لا يثبته! ولم يفهمونا هل كانت أنثى الإنسان تتبرعم كالبطاطس للمحافظة على بقاء النوع طوال آلاف السنين المدعاة التي لم تكن قد حدثت لها طفرة حولت بعض الأفراد إلى ذكور!

التكوين الجنيني

رغم أن جنس الجنين يتحدد من لحظة الإخصاب وفقًا للكروموسوم الجنسي ‏(X/Y)‏ الذي يحمله الحيوان المنوي الذي نجح في تلقيح البويضة، فكروموسوماته تحدد جنسه ‏كما تحدد كافة صفاته الخَلْقية من لحظة إخصابه، ولكن يتم التعبير عن الصفات المحمولة على الكروموسومات ‏تدريجيًا أثناء مراحل التكوين الجنيني، وليس لهذه التدرجية أي علاقة بأكذوبة التطوريين المسماة بنظرية التلخيص، والتي سبق وعرضناها في مقال "التطور وعلم الأجنة"، فجنين كل نوع يختلف عن الآخر من تكوين البويضة ومن تفلجه وانقساماته وصولًا لتمايز أعضائه وشكله النهائي.

ولا يظهر أثر الكروموسومات الجنسية إلا بعد ‏الأسبوع السادس عند تشكل أعضاء الجنين التناسلية، حيث كان معروفًا منذ زمن طويل للعلماء أن ‏الجنين يبدأ تشكله داخل الرحم كخنثى غير متمايز جنسيًا حتى الأسبوع السادس، فيما يُعرف بمرحلة عدم التمايز (Indifferent stage)، حيث توجد في الجنين أعضاء أولية غير متمايزة (قناتين في كل جانب من تجويف البطن). وأثناء مرحلة عدم التمايز يبدأ تكون أنسجة الجسم ومنها أنسجة الثدي والحلمات، وعليه فمسار نمو الجنين وتكوينه ‏يستهدف إبقاء خصائص النوع المشتركة بين الجنسين طوال الأسابيع الأولى، ومنها الثدي والحلمة في ‏الطفل.‏

ثم بدءًا من الأسبوع السابع يبدأ التمايز الجنسي بتكون الأعضاء التناسلية تدريجيًا:

·      في حال كان الجنين يحمل كروموسومًا جنسيًا من النوع Y: يبدأ تكون الأعضاء الجنسية الذكورية من قناة وولف ‏Wolffian Duct)‏). وتشمل هذه الأعضاء: الحويصلات المنوية (‏Seminal Vesicles‏) والبربخ (‏Epididymis‏) والوعاء ‏الناقل ‏‏(‏VasDeference‏) والخصيتين (‏Testis‏).

·      في حال لم يكن الجنين يحمل كروموسومًا جنسيًا من النوع Y: يبدأ تكون الأعضاء الجنسية الأنثوية من قناة مولر (‏Mullerian Duct‏) وتسمى أيضًا قناتي الكلوة الجنينية الموسطة الإضافية (Paramesonephric Ducts)، وتشمل تلك الأعضاء: الرحم، وعنق الرحم، وقناتي فالوب، والجزء العلوي من المهبل.

وحتى عند الولادة لا يوجد ‏أي فرق بين الطفل الذكر والطفلة الأنثى في حجم أنسجة الثدي، وإنما تنمو الأنسجة بعد ذلك ‏لدى الفتيات عند البلوغ بتأثير الهرمونات الأنثوية.‏

فمعلوم أن الجنين يبدأ مساره النمائي خنثى غير متمايز جنسيًا ثم يتميز إلى ‏ذكر أو أنثى، لكن الرؤية التطورية الجديدة مفادها أن الجنين -وفقًا لزعمهم- يبدأ أنثى ثم قد يستمر كذلك أو يتحول إلى ذكر!

فما هو وجه الاستدلال على هذا الطرح، وما مدى علميته؟

لوحظ أنه في الثدييات عمومًا، والإنسان خصوصًا، قد تتطور لدى الجنين الذكر وراثيًا (يحمل كروموسوم Y) أعضاء تناسلية أنثوية خارجية نتيجة خلل هرموني مبكر لدى الجنين؛ فإذا لم تتكون خصية للجنين لتفرز هرمونات الذكورة كهرمون التستسترون (‏testosterone‏) وهرمون أندروستنديون (‏Androstenedion‏)، والهرمون المثبط لقناة مولر ‏(Anti-MullerianHormone: AMH)‏، تتكون أعضاء تناسلية خارجية أنثوية تلقائيًّا –فيما يُعرف بالاتجاه المفضل (‏Default Pathway‏)-، وتضمر قناة وولف، وينتج المبيض ‏هرمون الأنوثة الإستروجين (‏Estrogen‏)، ومهمته في جسم المرأة تكميل نضج قناة مولر، وظهور الخصائص الأنثوية الثانوية؛ كتحفيز نمو ونضوج الثدي عند البلوغ.‏

‏كما وقد لُوحظت حالات يُفرز فيها الجنين الذكر وراثيًا هرمون الذكورة التستسترون، ولكنه لا يتفاعل جيدًا في جسم الجنين، ومن ثم لا يحدث آثاره؛ فتنمو للجنين الذكر أعضاء تناسلية أنثوية.

علمًا بأن قناتي مولر تتكونان عند الجنين من أي من الجنسين في الإنسان، ولكنها بعد ذلك تنمو وتتمايز عند الإناث لتعطي الجهاز التناسلي الأنثوي، بينما تنتكس عند الذكور ويبدأ تكون الجهاز التناسلي الذكري من قناة وولف. والمتحكم الرئيسي في تحديد المسار النمائي هو وجود ودرجة تركيز العامل المثبّط لقناة مولر، والذي يختلف باختلاف جنس الجنين الذي تحدده مورثاته المحمولة على الكروموسوم الجنسي منذ لحظة تلقيحه. وهذا الهرمون يُفرز عند الذكور في الأسبوع الثامن عندما يبدأ تمايز الأعضاء التناسلية الظاهري كاستجابة لتعبير عامل تحديد الخصية.

من ثم؛ فإن التصور التطوري بأن الأنثى هي الأصل تم بناؤه على أساس تفسير خاطيء لبعض حالات التشوهات الخلقية الناشئة عن خلل هرموني، وعجز للكروموسوم Y عن إحداث أثره. وهو تصور يتنافى مع المعارف الأساسية في علم الأجنة، وليست دليلًا على أن حلمات الثدي لدى الرجال تحديدًا هي عضو أثري ‏بلا وظيفة.‏

والسؤال المتكرر مع كل عضو يدعيه التطوريون بلا وظيفة هو:

قبل أن تدعوا أن الثدي لدى الرجال هو عضو أثري، أليس المفترض أن تفسروا لماذا تكون أساسًا ‏قبل أن يصبح بلا وظيفة بزعمكم؟ ولماذا سمح له انتخابكم الطبيعي بأن ينشأ إن ‏كان بلا وظيفة؟! ثم لماذا لم يستبعده الانتخاب ‏الطبيعي واستمر لملايين السنين؟

في حالة حلمات الثدي والنسيج الثديي فإن الإجابة المطروحة من قبل التطوريين هي أن وجود تلك ‏الحلمات غير ضار بالإنسان، ومن ثم فهي غير موضوعة على لائحة الأعضاء المطلوب ‏استبعادها من جسم الإنسان لأن آلية التطور عشوائية ولا تسير حسب تصميم مسبق بل تتم ‏حسب ما تقتضيه الظروف والأولويات.‏

لكن تلك الإجابة لا تبدو متسقة لسببين

‏1-تلك الحلمات والأنسجة لا توجد لدى ذكور أنواع كثيرة من الثدييات مما يفترض التطوريون ‏أنها أسلاف للإنسان. ومن ثم فهناك احتمالان:

أ-أن حلمات الذكور لم تُوجد أبدًا في تلك الأنواع، لأن كل نوع يُخلق خلقًا خاصًا وفقًا للأنسب له.

ب-أو أنها وُجدت ثم استُبعدت، وهو اختيار التطوريين.

فإن كانت موجودة لدى تلك الأنواع في زمن ما، وإن كان الانتخاب الطبيعي قد استبعدها في ذكور تلك الحيوانات فلِم لم ‏يستبعدها في ذكور الإنسان؟!

‏2-افتراض أن الأنثى هي الأصل في التكوين الجنيني –مع ما أوضحنا من عواره- غير كافٍ لافتراض كون الحلمات ‏والنسيج الثديي في الذكور عضو أثري كانت توجد لدى أسلاف، لأن المفترض أن الأسلاف كانت إناثها هي ‏التي ترضع الصغار أيضًا. والإصرار على هذا الافتراض يقتضي تقديم سيناريو محكم لكيفية تكون الذكور وكيف استمر النوع الإنساني قبل أن يوجدوا!

من ثم، يبقى السؤال قائمًا: لماذا سمح الانتخاب ‏الطبيعي بتكون تلك الحلمات والنسج في البداية لدى الذكور، وماذا كانت الوظيفة ‏المحتملة له؟ أم أنه أوجدها من البداية بلا وظيفة لدى الذكور؟!

سؤال على الهامش:‏ هل ثدي الرجال قادر بالفعل على توليد اللبن؟ وهل يمكن أن يُصاب بالسرطان؟

يمكن أن ينتج في حالات نادرة من ثدي الرجل كميات قليلة جدًا من اللبن؛ فالرجال عمومًا يفتقرون ‏إلى مستويات هرمون البرولاكتين Prolactin -الذى يفرزه الفص الأمامي من الغدة النخامية- اللازمة لتحفيز الرضاعة، ولا يمكن أن يُدروا اللبن بشكل كافٍ ودائم. ولكن قد يحدث خلل في إفراز الهرمون بسبب وجود ورم على الغدة النخامية "الورم البرولاكتيني"، وهذا نادر.

وبالرغم من ذلك، لا تزال الأنسجة الموجودة تعتبر أنسجة ثدي، ويمكن أن يتعرض الرجال ‏لسرطان الثدي، لكن بدرجة نادرة. كما يمكن أن تحدث هذه الأنسجة تثدي عند بعض الرجال.

والسؤال الأهم: هل فعلًا ليست هناك وظيفة لحلمتيّ الثدي عند الرجال كما يدعي التطوريون؟

والحقيقة أن هناك طرحًا عن وظيفة تلك الحلمات يقدمه العلماء الرافضون لفكرة وجود أعضاء أثرية بلا وظيفة، وهو:

‏1-الغدد الثديية هي بالأساس غدد عرقية متحورة –وهذا مما لا يخالف فيه التطوريون-، إذ نعلم ‏أن الثدييات من ذوات الدم الحار التي تحتاج إلى الحفاظ على درجة حرارة أجسامها، وفي ‏الوقت نفسه تحتاج إلى ما يلطف حرارة الجسم ويخلصه من السموم.

وهناك رؤية مطروحة لبعض ‏العلماء بأن وجود الغدد الثديية لدى الإنسان فوق العضلات الصدرية التي تعلو الرئتين تحديدًا ‏يساهم في تلطيف الحرارة وإلا ارتفعت درجة حرارة الجسم في تلك المنطقة التي تشهد نشاطًا ‏مرتفعًا لعضلة القلب والرئتين.‏

2-لهذه الحلمات وظيفة جمالية وجنسية لدى الذكور مثلما هو الحال لدى الإناث.

فهذه الحلمات تحتوي كمية وفيرة من الأنسجة العصبية وتساعد في التحفيز الجنسي لكلا الجنسين. وتوجد عدة اختلافات في معقد الحلمة والهالة للذكور والإناث several differences in the male and female mammary nipple-areola complex exist.

وهناك نوع من الغدد العرقية المُفْتَزِرة  (Apocrine)توجد في مناطق من جسم الإنسان، من بينها الهالة (حول الحلمات)، وهذه الغدد ليست وظيفتها تبريد الجسم.

وتكون هذه الغدد غير نشطة قبل سن البلوغ، ويزيد حجمها وتبدأ إفرازاتها مع زيادة إفراز الهرمونات الجنسية عند البلوغ. وهذه الإفرازات تختلف عن إفرازات الغدد العرقية المفرزة (Eccrine) التي تتوزع في جميع أنحاء الجسم، فهي أكثر سمكًا، وتحلل البكتريا هذه الإفرازات، وهو ما يخلق رائحة عرق للجسم عند البالغين. وهذه الإفرازات العرقية تشبه الفرمونات التي تفرزها الحيوانات للجذب الجنسي عند التزاوج. وتنشط هذه الغدد وتكثر إفرازاتها عند الإجهاد أو الإثارة الجنسية. كما يُعتقد أن هناك فروقًا بين الرجال والنساء في كمية إفرازات الغدد العرقية المُفْتَزِرة ‏ (Apocrine).

صيوان الأذن Pinna في أذن الإنسان

تتكون الأذن الخارجية في الثدييات عمومًا من جزئين هما صيوان الأذن والقناة السمعية. وصيوان الأذن (‏pinna‏) هو الجزء المقعر المنحني البارز على جانبي أذن الثدييات، وهو غضروف مرن تغطيه طبقة من الجلد الرقيقة، ‏عدا الجزء المتدلي السمين منه والمعروف بشحمة الأذن أو الفصيص أو الرَّوم، فيتكون من نسيج دهني وقليل من الأوعية الدموية.

تصل العضلات بين الصيوان والعظم الصدغي للجمجمة لتربط الأذن بالرأس، وهذه العضلات صغيرة في الإنسان ‏وهي ثلاثة؛ أمامية وخلفية وعلوية، ولا تمكن أغلب البشر من تحريك آذانهم.

وقد يبدو للوهلة الأولى أن الأذن الداخلية هي التي تقوم بالدور الأساسي في عملية ترجمة الموجات الصوتية الميكانيكية إلى إشارات عصبية قبل إرسالها لمركز السمع في المخ، لكن الحقيقة أن لباقي أجزاء الأذن وظائف هامة وأساسية لأجل السمع.


فعلينا أن نقرر أولًا أن صيوان الأذن لدى الإنسان هو عضو هام ‏ويؤدي وظيفة هامة؛ فالصيوان المقعر ذو الالتفافات والانثناءات والتعاريج علاوة ‏على دوره الجمالي، فإنه يقوم بتحديد اتجاه الصوت، والتقاط وتجميع الموجات الصوتية وتضخيمها ثم توجيهها إلى داخل الأذن عبر القناة السمعية. فهو يقوم ‏بدور هام في السمع لدى الإنسان مثلما في سائر الحيوانات الثديية.‏

كما تعزز تعاريج صيوان الأذن وانثناءاته التركيز على تجميع الأصوات ذات طبقة الصوت القريبة من طبقة الصوت البشري، وتفلتر وتبعد ما سواها، وهو ما يُحسِّن قدرة الإنسان على سماع الموجات الصوتية الهامة، فأذن الإنسان تسمع ترددات صوتية محدودة.

ومعلوم أن الصوت ينتقل في المادة الصلبة أسرع، ولكن الله لم يخلق صيوان الأذن عظمًا بارزًا ‏لينكسر من ثقل الرأس أثناء النوم، وكيف يمكن للإنسان أن يتوسد العظم؟! بل خلقه سبحانه غضروفيًا ‏مرنًا تكيفًا مع وظيفته.

وتاريخيًا فقد كان لصيوان الأذن دور هام في الطب التحفيزي؛ فهناك نوع من العلاج التاريخي شديد القدم والذي استخدمه أبوقراط، تعلمه من المصريين خلال فترة دراسته في مصر، ويُعرف بالعلاج الأذني، وهو نوع من أنواع الوخز بالإبر أو الكي في نقاط على صيوان الأذن المرتبطة بمسارات عصبية ترتبط بأعضاء مختلفة من الجسم لتخفيف الآلام، كاستخدامه في تخفيف ألم الإسنان والتهاب أعصاب الوجه، ويُقال إنه ينبه إفراز الهرمونات الجنسية لكلا الجنسين، وهذا النوع من العلاج يستخدم في العصر الحديث باستخدام أشعة الليزر لإحداث الوخز المطلوب، وهو معروف في كثير من الدول ومنها ألمانيا.

فصيوان الأذن ليس عصوًا أثريًا، وله وظائف هامة، وعلى كل فادعاءات التطوريين المحدثين حوله باتت تتركز في أمرين:

الأول: أنه ليس للعضلات التي تربطه بالرأس استعمال مفيد لدى الإنسان إلا أنها يمكن ‏أن تتحرك عند قلة من البشر ما يجعله يهتز، وأن هذه العضلات أثرية باقية من ‏الأسلاف.‏


الثاني: أنه يوجد نتوء يُسمى نتوء دارون ‏Darwin's tubercle‏ ‏عبارة عن سماكة في صيوان الأذن عند موضع اتصال الثلث الأوسط والأعلى لصيوان الأذن. ‏ويوجد هذا النتوء في حوالي 10.4% من البشر، ويعتبره التطوريون سمة أثرية دالة على التطور لأنهم يعتقدون أن له مثيلًا ‏يوجد في آذان القردة.‏

وبداية أقرر أن أغرب ما يخص الطرح التطوري بشأن صيوان الأذن أو الأذن الخارجية بوجه عام في الإنسان، أن الأذن الخارجية تميز الثدييات فقط، ومن ثم يستحيل تصورها كأثر من الأسلاف التطورية القديمة التي تفترضها النظرية؛ لذا يفترض التطوريون أن الأذن الخارجية نشأت مع أول كائن ثديي، ولم ‏توجد لدى الأسلاف الأقدم كالتمساح والسمكة!

وفيما يخص عضلات صيوان الأذن، فهذه العضلات تنمو عند بعض أنواع الثدييات إلى درجة تسمح بتحريكها بصورة جيدة لتوجيه ‏الأذن نحو مصدر الصوت، والأمر لا يقتصر على ‏الحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب والخيول والأرانب، فقد ‏رأيت أسدًا بنفسي في حديقة ‏حيوانات بالتيمور في ولاية ماريلاند الأمريكية يحرك أذنه أثناء جلوسه في الأحراش ‏المفتوحة في علامة على أنه أحس بي، وبعدها فعلًا استدارت ‏رأسه ناحيتي. كما يكون لتحريك الأذن في بعض الحيوانات ‏دلالاته التي تعتبر شكلًا من أشكال لغة الإشارة ‏لدى النوع.‏ فتحريك الأذن منتشر بالفعل لدى أغلب الثدييات.‏ لكن الحال لا يكون كذلك بالنسبة للإنسان.

وينبغي أن نوضح أن الخلايا العضلية هي الخلايا التي تكون النسيج العضلي المسئول عن الانقباض والانبساط؛ ‏فوظيفتها الأساسية هي إحداث الحركة في أجزاء جسم الإنسان، ولكن لا يعني عدم تحريك البشر لآذانهم أن هذه العضلات أثرية، فلها دور هام في ربط الصيوان بالجمجمة وتثبيته على الوضع الذي هو عليه بحيث يكون اتجاه القمع ثابتًا.

‏إن صيوان الأذن على صورته لدى الإنسان يمثل أفضل خليط ‏من حيث الشكل والحجم لأداء وظيفته؛ حيث يتحقق لصيوان الأذن ارتباطه بالرأس كي يكون ثابتًا في ‏موضعه، كما يمكنه من جمع الموجات الصوتية بشكله المقعر الملتف وتكوينه المرن مع عدم ‏ردها وعكسها للخارج، ولا بامتصاصها؛ فجلد الأذن لا يمتص الموجات الصوتية، بل يقوم بتركيزها ‏نحو قناة الأذن الخارجية. ولو كان صيوان الأذن أكبر حجمًا لدى الإنسان فإنه سيكون قادرًا على جمع موجات صوتية أكثر لو كانت الأذن جهة مصدر الصوت، ولكنه سيعيق موجات الصوت من المرور إلى الطبلة عبر قناة الأذن إذا ما استدار الإنسان. لذلك تمتلك الحيوانات القدرة على تحريك آذانها الكبيرة تجاه مصدر الصوت لتزيد من حدة سمعها، بينما لا يحتاج الإنسان أن يحرك صيوان أذنه أو وجهه.

وبالنسبة لنتوء دارون فلو كان هذا النتوء أثرًا كما يدعي التطوريون فالمسلمة الأولى التي كان ‏ينبغي توفرها فيه أن يوجد لدى جميع البشر وليس حوالي 10% فقط منهم، فالعصعص والزائدة ‏الدودية وحلمات الثدي عند الرجال توجد بنسبة 100% لدى البشر ما مكّن التطوريون ابتداءً من ‏الافتراض بأنها أعضاء أثرية لا وظيفية، وتم دحض فرضيتهم بعد ذلك، أما أن يُدعى بشأن صفة ‏تشريحية أنها عضو أثري علمًا بأنها لا تشمل جميع البشر ولا حتى أغلبهم فالفرضية ساقطة ‏ابتداءً.‏

والغريب أن التطوريين افترضوا لتعزيز فرضيتهم أن توريث نتوء دارون يتم كصفة سائدة، ومعلوم أن الصفة السائدة تظهر لدى أغلب البشر! كما أثبتت الدراسات أنه  ليس بالضرورة أن كل ‏من لديه جين ذلك النتوء (طرز جيني) أن يظهر النتوء عليه (طرز ظاهري)! فيما يُعرف بالانتفاذ غير الكامل.

وباختصار؛ فإن هذا النتوء بحاجة إلى مزيد من الدراسة العلمية، وما يتوفر من معلومات عنه حتى اللحظة لا تسمح بأي من تلك الافتراضات التي يدعيها التطوريون حوله.

وللمزيد حول نتوء دارون

http://link.springer.com/article/10.1007%2FBF02447350

الثنية الهلالية في عين الإنسان Plica semilunaris

يوجد في عيون كثير من الحيوانات جفن ثالث، ويُسمى أيضًا (الغشاء الرمَّاش) أو (الغشاء الراف)  Nictitating membrane.

وهو جفن ثالث داخلي نصف شفاف، يتحرك أفقيًا على مقلة العين، فحركته ليست رأسية كالجفن العلوي والجفن السفلي.

يوجد الغشاء الرمّاش لدى أنواع مختلفة من الفقاريات، كالسمك وبعض البرمائيات والزواحف والطيور والثدييات، للمساعدة في تكيفها مع ظروف معيشتها. وبعض منها يكون الغشاء الرماش لديها كامل كأسماك القرش.

ويؤدي الجفن الثالث في أعين هذه الحيوانات وظيفة حماية وتنظيف وترطيب العين، مع الحفاظ على وضوح الرؤية، فيحمي عيون الجمال من الرمال عند هبوب العواصف الرملية، كما يحمي عيون الدببة القطبية من عمى الثلج، ويساعد عين الضفدع في الانحشار عند بلعه الطعام، كما يحمي عينيّ نقار الخشب من الجحوظ أثناء نقره للأخشاب، ويحافظ على خلايا الشبكية من الانفصال بفعل الاهتزاز الناشيء عن النقر، وحتى الأسماك وبعض الثدييات الغواصة كخراف البحر يوجد لديها هذا الجفن لحماية أعينها من الماء، والغشاء الرمّاش الكامل في سمك القرش يحمي عينيها أثناء مهاجمتها فرائسها، كما يحمي الغشاء الرمّاش عيون الطيور الجارحة من صغارها أثناء إطعامهم.

بينما يوجد في طرف عين الإنسان طية صغيرة جدًا بجوار القناة الدمعية؛ تُعرف بالطية أو الثنية الهلالية (plica semilunaris)، ترتبط في مكانها بعضلات.

 ويعتقد التطوريون أن هذه الطية الهلالية هي بقايا الجفن الثالث الموجود لدى كثير من الحيوانات، ولكنها دون وظيفة في عين الإنسان، وأنها عضو أثري كان يوجد بشكله الكامل ويؤدي وظيفته لدى أسلاف الإنسان المفترضين.

John V. Forrester (2002) The Eye: Basic Sciences in Practice, W.B. Saunders. p. 82


ومن هنا صاروا يشيرون لهذه الطية باسم الجفن الثالث أو الغشاء الرمّاش، بخلاف التسمية التي كانت تُعطى لها في كتب الطب والتشريح القديمة، بل وأغلب الكتب الحديثة لا زالت تشير إليها بالطية أو الثنية الهلالية ‏(plica semilunaris)، مثلما نلاحظ في الصورة المرفقة.

والملاحظ أولًا: هو تنوع الفقاريات التي تمتلك الجفن الثالث بصورة كاملة أو جزئية، وتوزعها على طوائف الفقاريات الخمس (أسماك- برمائيات- زواحف- طيور- ثدييات)، وأنه لا تربطها علاقات قرابة مباشرة وفقًا لافتراضات التطوريين عن شجرة التطور، بل يوجد فقط في الأنواع التي تحتاجه تكيفًا لمعيشتها.

وثانيًا، وهو الأهم: فإن تلك الطية الهلالية plica semilunaris التي يفترضها التطوريون بقايا أثرية ضامرة للجفن الثالث بلا وظيفة في عين الإنسان، لها وظيفة هامة، فهي جزء من منظومة دوران العين، ومنظومة ترطيب العين والتحكم في إفراز الدموع.

“The conjunctiva of the fornix forms an almost continuous sac that is interrupted medially by the plica semilunaris.

The plica semilunaris performs the same function as a fornix medially.

 the plica partially unfolds to form a true fornix similar to that present in other areas.

The relationship between the plica semilunaris and caruncle and the bulbar conjunctiva, eyelids, and lacrimal puncta is important in several ways. Any change in these structures due to scarring or other fibrous changes could mechanically limit rotation of the globe. In addition, keratinization, hypertrophy, or retraction of the caruncle may interfere with mucus and foreign body excretion, resulting in dysfunction of the lacrimal drainage system.

http://www.oculist.net/downaton502/prof/ebook/duanes/pages/v8/v8c002.html

العضو الميكعي الأنفي VOMERONASAL_ORGAN (VNO)

أو جهاز جاكبسون JACOBSON’S ORGAN


العضو الميكعي الأنفي ويُعرف أيضًا باسم جهاز جاكبسون نسبة إلى لودفيغ جاكوبسون الذي نشر دراسة مفصلة عنه عام 1811، هو جزء من تركيب الأنف؛ إذ يوجد في النسيج الرخو بجوار عظم الميكعة في الحاجز الأنفي لدى البرمائيات والزواحف والثدييات.

وهذا العضو تأكد أنه يعمل بصورة فعالة لدى عدد من الحيوانات كالثعابين والقطط والفئران والأفيال والكلاب وغيرها، ووفقًا لما وفرته نتائج الدراسات من معلومات حتى الآن فالثعابين هي التي تمتلك أكثر أنواع VNO تعقيدًا ويوجد لديها في سقف الحلق؛ ويعتبر دور العضو الميكعي أساسيًا في التقاط الفرمونات، وهي روائح جنسية تُطلقها الحيوانات كإشارة لاستعدادها للتزاوج، كما يساعد في تحديد مكان الفريسة. وإن كانت نتائج الدراسات التي تمت على الفئران قد أكدت أن استئصال جهاز جاكبسون لم يؤثر في التعرف على الطعام، في حين أثر تأثيرًا كبيرًا في السلوك الجنسي (نقص الرغبة) والاجتماعي (نقص العدوان). وتأكدت النتائج ذاتها من تجربة نزع الجين المشفر لبروتين مؤثر في العضو الميكعي لدى الفئران، والتي قام بها فريق بقيادة ريتشارد أكسل الحاصل مناصفة على جائزة نوبل 2004 بسبب أبحاثه عن الجينات الشمية.

والادعاء التطوري عن العضو الميكعي يتمثل في شقين؛ أنه أثري بلا وظيفة، وأنه ربما لا يوجد لدى جميع البشر في إشارة إلى أنه قد يكون في طريقه للاندثار كصفة لم تعد تلزم البشر! وقد أثبتت الدراسات الحديثة كذب الادعاءين، فهو ينمو أثناء فترة حمل الجنين البشري، ويوجد لدى جميع البشر البالغين. كما أن VNO البشري يتمتع ببنية دقيقة فريدة من نوعها، مع خلايا توصم بعدة علامات ‏مناعية The human VNO has a unique ultrastructure, with elongated bipolar microvillar cells that stain with several immunomarkers.

وكسائر ما تمت الإشارة إليه على أنه عضو أثري، فقد كشفت دراسات حديثة عن وجود وظائف له؛ حيث ثبت أن له خصائصًا فسيولوجية مشابهة للخلايا المستقبلة الحسية الكيميائية لدى الثدييات الأخرى، في الاستجابة لمؤثرات خارجية، والتنشيط الهرموني لإفراز الغدد الصماء، ودور في حث الجهاز العصبي اللاإرادي، وإطلاق هرمون الجونادوتروبين gonadotropin المُنشط للتبويض من الغدة النخامية، ويلعب هذا الجهاز دورًا في تحفيز النشاط الجنسي لدى البشر ذكورًا وإناثًا، وتعتبر آليته شبيهة بآلية إفراز الفرمونات لدى باقي الثدييات، ويتلو استجابة الجهاز الميكعي تغيرات سلوكية نوعية خاصة بالذكور أو الإناث. وهناك دراسات أشارت إلى تأثير ضعف حاسة الشم بوجه عام على ضعف الرغبة الجنسية لدى البشر، وأن للروائح تأثير على السلوك العدواني.

وأشارت دراسة أخرى إلى أنه قد يلعب أدوارًا مهمة في نمو الدماغ، وأن النتائج التشريحية في الأجنة البشرية تشير بقوة إلى أن VNOs الخاصة بهم تحتوي على خلايا طلائية عصبية In human fetuses, anatomical findings strongly suggest that their VNOs contain a neuroepithelium.

كما أظهرت دراسات تصوير المخ الوظيفية حدوث تنشيط مناطق تحت المهادhypothalamus  واللوزة amygdala والتلفيف الحزامي cingulate gyrus في المخ أثناء تحفيز الجهاز الميكعي لدى البالغين من البشر.

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/9929629

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/12203701

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/8836161

https://www.macalester.edu/academics/psychology/whathap/ubnrp/smell/attraction.html

أضراس العقل (الضرس الثالث) (أسنان الحكمة) Wisdom teeth


أضراس العقل هي أربعة ضروس، ينمو كل واحد منها في ركن بالفكين العلوي والسفلي لفم الإنسان، ويُعرف بالضرس الثالث Third molar. وهذه الضروس هي آخر ما ينمو من الأسنان، في نهاية فترة المراهقة وبداية الشباب.

وفي الكثير من الأحيان تكون ضروس العقل منطمرة ومدفونة تمامًا داخل عظم الفك، أو ببساطة يفشل بزوغها، وهناك حالات كثيرة مسجلة لأفراد كان سبب عدم نمو هذه الضروس لديهم بسبب نمو أنسجة اللثة من حولها فينطمر الضرس وسطها، أو بسبب صغر حجم الفك فينغرس فيها ولا يستطيع اختراق أنسجة اللثة.

ولأن نحو ثلث البشر لا تنمو لديهم هذه الأضراس، يرى التطوريون أن هذه دلالة على أنها أثرية وليست لها وظيفة، كما أنه قد تحدث مشاكل في نموها أو التهاب في اللثة بسبب عدم تناسبها مع حجم الفك، وقد يتم التخلص منها لذلك.

ويعتقد التطوريون أن الفك في الإنسان الحديث حجمه أصغر من حجم مثيله لدى ما يفترضونه من أسلاف للإنسان، بينما بقي حجم الأسنان لديه كما هو، فحدث لها ازدحام في الفك صغير الحجم، ومن هنا تنشأ مشكلة في أضراس العقل، لذا يرونها بلا فائدة للإنسان المعاصر، ويعدونها من الأعضاء الأثرية. ونظرًا للمشاكل التي قد تسببها تلك الضروس فهي موضوعة على لائحة التطوريين ضمن الأعضاء التي ينبغي أن نفقدها بتدخل الانتخاب الطبيعي!

فالسيناريو التطوري يعتمد على ادعاء عدة أمور

·      كانت الأسنان وضروس العقل كبيرة الحجم في أسلاف الإنسان المدعيين وأقاربه من القردة العليا الذين تفترضهم النظرية، ولم يقل هذا الحجم لدى الإنسان الحديث.

·      ضروس العقل تنمو بشكل لا يتواءم مع حجم الفك في الإنسان الحديث.

·      وراثة ضروس العقل تُظهر أنها في طريقها للفقد وأن تصبح جزءًا من ماضينا التطوري.

·      ضروس العقل ليست ذات فائدة للإنسان، وخلعها لا يسبب أي ضرر.

وبمناقشة تلك الادعاءات في ضوء نتائج الدراسات العلمية يتبين عدم صحة أي منها.

·      فيما يخص حجم الأسنان، أظهرت دراسات الأسنان أن أسنان الإنسان الحديث بوجه عام، ومنها ضروس العقل، ذات حجم أقل من حجم أسنان القردة العليا والأسلاف التي تدعيها النظرية للإنسان، رغم كبر حجم الفك لهم عن حجم فك الإنسان، ومن ثم لا يمكن الزعم أن حجم أسنان الإنسان المعاصر ناشيء عن إرث تطوري.

Reduction of maxillary molars in Homo sapiens sapiens: a different perspective.

American Journal of Physical Anthropology, Volume 87, Issue 2.

http://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/ajpa.1330870203/pdf

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/1543241

·      ضروس العقل تنمو بحيث تتواءم مع حجم الفك والمساحة المتاحة لها. وقد ثبت حديثًا أن ضروس العقل لا تدفع الأسنان الأخرى ولا تسبب ازدحام الفم كما كان يُشاع حتى قريب.

https://jada.ada.org/article/S0002-8177(92)38025-0/fulltext

وهذا وفقًا لما يُدرس في المقررات الدراسية في أكبر الجامعات حول العالم، مثل جامعة الينوي بشيكاغو، مقرر "تطور أسلاف الإنسان، الأسنان في علم الأناسة، وتنوع الإنسان".

www.uic.edu

OSCI 590. Hominid Evolution, Dental Anthropology, and Human Variation

·      لا توجد أي أدلة وراثية على أن ضروس العقل في طريقها للفقد لدى البشر المعاصرين.

Taylor, Richard M. S. (1982). Aberrant maxillary third molars: morphology and developmental relations. New York : Columbia University Press. www.library.yale.edu (record/4724377)

·      تختلف نسبة من ينمو لديهم ضروس العقل من البشر باختلاف المجتمعات. والعجيب أنه وفقًا لنظرية التطور فإن سكان أستراليا الأصليين أقل تطورًا من الإنسان المعاصر، ومع ذلك فإن السكان الأصليين في تاسمانيا بأستراليا لا يتكون لهم ضرس العقل نهائيًا، في حين أن سكان المكسيك الأصليين يتكون لديهم بنسبة 100%، ويعتقد أن وراثة ضرس العقل ترتبط بالجين PAX9. وبناءً عليه فإن فرضية وجود ضروس العقل لدى الأسلاف التي تفترضها نظرية التطور وأنها في طريقها للفقد لدى الإنسان الحديث هي فرضية خاطئة تمامًا.

·      ضروس العقل ليست بلا وظيفة كما يدعي التطوريون؛ فهي تؤدي وظيفة مضغ الطعام مثل باقي أسنان الإنسان. كما أن هناك تصورًا –لدى العقلاء- أن ضروس العقل تنمو متأخرة عن باقي الأسنان لأجل ضم جميع الأسنان وغلق المسافات البينية بينها، ما يمنع تراكم الفضلات، ويجعل الأسنان متراصة بشكل سليم، ويظهر هذا –على سبيل المثال- في أسنان الأفارقة كسلالة بشرية تعتمد على الغذاء الطبيعي القاسي وليس المُصنَّع، وتنمو لها ضروس العقل بلا مشاكل، وتتراص أسنانهم دون حاجة إلى تقويم، وتقل لديهم الجيوب بين الأسنان التي تجتمع فيها الفضلات وتنمو فيها البكتريا وتسبب تسوس الأسنان. وكذلك هو الحال في سكان أستراليا الأصليين حيث يسود الجفاف، ولا يقتاتون على الأطعمة اللينة، حيث لاحظ الباحثون أقواس الأسنان الرائعة والأسنان الجميلة، ويكاد أن يكون تسوس الأسنان غير معروف. بينما عندما تغذى السكان الأصليون على أطعمة الرجل الأبيض أصبح تسوس الأسنان متفشيًا، حيث تدمر تلك الأطعمة جمالها وتمنع المضغ.

·      المشاكل التي تنشأ نتيجة نمو ضروس العقل في بعض البشر المعاصرين لا تحدث بسبب صغر حجم الفك وضيقه، وتغير وراثي كما يدعي التطوريون، بل تحدث كتكيف بيئي، وقد أظهرت دراسات حديثة متواترة أنها ناشئة من تغير النظام الغذائي للبشر، واعتمادهم على الأغذية اللينة والأغذية المصنعة.

فبمقارنة صحة الأسنان لدى مواطني جزر كجزيرة هاريس يعيشون على الأغذية الحديثة بأقرانهم ممن يعيشون على الأغذية البدائية، وُجد أن الأخيرين يتمتعون بأسنان ممتازة. ووجد تأثير على أسنان الإسكيمو بسبب تناول الأغذية الحديثة. ولوحظ تسوس الأسنان وتشكيل الوجه المشوه والتغيرات في شكل القوس الفكي في الأطفال من الجيل الأول بعد اعتماد الأطعمة الحديثة من قبل الوالدين.

ومن أشهر تلك الدراسات الدراسة السببية المقارنة التي قارنت أسنان سكان جزر تونغا المنعزلة جنوب المحيط الهادي، قبل وبعد الحرب العالمية الأولى، بعد تغير نوعية الأغذية التي كانوا يعتمدون عليها. قبل الحرب كان سكان الجزر يعتمدون على أغذية طبيعية بينما بعد الحرب مباشرة أصبحوا يعتمدون على أغذية مصنعة. وفي الجيل التالي مباشرة الذي اعتمد على الأغذية المصنعة بدأت تظهر لديهم مشاكل في انحشار ضروس العقل، من ثم لا يمكن الادعاء أن تلك المشاكل في هذه الضروس لدى البشر ناتج ركام تطوري كما يدعي التطوريون.

 


 



أسنان سكان أستراليا الأصليين


 


أسنان سكان أستراليا الأصليين- الجيل الثاني بعد تغير الغذاء

 


 


أسنان سكان أستراليا الأصليين-امرأة تأكل أطعمة بدائية ونساء تأكلن أطعمة البِيض

فمن الجدير بالملاحظة أنه بغض النظر عن العرق أو اللون، فإن الأجيال الجديدة الذين ولدوا بعد اعتماد البدائيين الأطعمة الحديثة حدث لهم تشوهات في قوس الفك وعيوب هيكلية، ولوحظ ضيق في الأقواس وازدحام للأسنان في الأجيال الحديثة من السكان الأصليين حتى أنها تشابهت مع أنماط وجه البشر البيض.

بل ويحدث اضطراب في نمو الوجه -غالبًا ما يكون خطيرًا-، يجعل التنفس الطبيعي عن طريق الأنف صعبًا للغاية. وهذا يرجع أساسًا إلى نمو خاطيء لعظام الفكين.

Price, Weston A.. Nutrition and Physical Degeneration "A Comparison of Primitive and Modern Diets and Their Effects". 8th edition, 2008.  Amazon.com

http://www.journeytoforever.org/farm_library/price/pricetoc.html

http://www.journeytoforever.org/farm_library/price/price10.html

وإن كان يُعتقد أن التوسع في العصر الحديث في التزاوج بين سلالات بشرية مختلفة بينها تباين في حجم الأسنان والفك قد يؤدي إلى حدوث تشوهات في الأسنان عمومًا، ومن بينها ضروس العقل. لكن لا يمكن في حال البرهنة على صحة هذا الادعاء عزوه إلى التطور الانتواعي.

·      ويلجأ كثيرون في الدول المتقدمة لخلع ضروس العقل قبل سن العشرين، وذلك لسهولة خلعها قبل أن يكتمل نموها، ولمنع ازدحام الأسنان الذي كان يُظن أن ضروس العقل مسئولة عنه، وللمحافظة على نتائج تقويم الأسنان لمن أجراه، وكذلك للوقاية من المضاعفات التي تصاحب نموها في بعض الأحيان. أي أنه يتم خلعها على سبيل الوقاية أو الشك مثلما هو الحال بالنسبة للزائدة الدودية لاعتقادهم أنها بلا فائدة وتسبب المشاكل، وقد تغيرت هذه النظرة في السنوات الأخيرة بعدما رصدت حالات كثيرة لأناس لم تنم لديهم الضروس أو خلعوها وحدث لهم تشوه وازدحام في الأسنان بسبب استمرار نمو الفك السفلي، ويبدو أن لنوعيات الطعام اللينة التي أصبحت شائعة في العصر الحديث تأثير سيء على شكل عظام الوجه.

كما ظهرت دراسات رصدت مضاعفات خلع هذه الضروس، والتي وُصِف بعضها بالشديدة، وأصبح مؤكدًا أن خلعها يؤدي إلى النزف المستمر لصعوبة تخثر الدم في منطقة اللثة بعد الخلع، وجفافها، وحدوث ألم شديد في الفك أشبه بالصدمات الكهربائية، وتزيد احتمالية التهاب الأعصاب واللثة وعظام الفك المحيطة بمكان الخلع، وهي مضاعفات غير مبررة إطلاقًا أن يعرض إنسان نفسه لها دون ضرورة حقيقية.

http://www.apha.org/

وقد أصدرت الحكومة البريطانية نشرة طبية حكومية تمنع أطباء تقويم الأسنان وجراحي الأسنان من خلع ضروس العقل السليمة بدون ضرورة.

http://archive.aawsat.com/details.asp?section=65&article=469437&issueno=10743#.WI73NVN97IU


شعر جسم الإنسان

الشعر هو نظام حيوي متكامل، ذو تركيب معقد من عدة مكونات ومناطق تعمل معًا كوحدة. ويُعرف الشعر على أنه زوائد بروتينية، تنمو على أجسام الثدييات. ووفقًا لدائرة المعارف البريطانية فإن الشعر في الثدييات هو النتوءات الشبيهة بالخيوط المميزة التي تنمو للخارج من الطبقة الخارجية من الجلد (البشرة) التي تغطي الحيوان.

وفي الإنسان ينمو الشعر في مناطق الجسم كافة عدا راحة اليد وباطن القدم والجفون والشفاه. كما أن تركيزه يختلف باختلاف مناطق الجسم، وتوجد كذلك فروق نوعية بين الذكور والنساء في كثافته وتوزيعه. ويصل متوسط العدد الإجمالي للشعر في الإنسان البالغ نحو 5 ملايين شعرة، يتركز منها في فروة الرأس حوالي مائة ألف شعرة.

ويضع التطوريون شعر الجسم (الزغب) لدى الإنسان ضمن قائمة الأعضاء التي بقيت كأثر على مسيرتنا التطورية المدّعاة، لأن الإنسان القديم كان جسمه مغطى بشعر كثيف لتنظيم حرارته وحماية جلده من أشعة الشمس، ولمّا تطور الإنسان لم تعد لشعر الجسم وظيفة فضمر وانخفضت أعداده، وأصبح لا يغطي جسم الإنسان تغطية كثيفة مقارنة بما يعتبرونه أسلافه وأقاربه من القردة العليا.

والرد على التطوريين يتمثل في ثلاثة أمور:

أولًا: يتوزع في جلد الإنسان عدد بصيلات الشعر ذاته الذي يوجد في جلد القرود؛ إذ يحتوي جسم الإنسان على ما يقرب من 5 مليون بصيلة شعر. وظيفة كل بصيلة شعر هي إنتاج جذع الشعرة. The human body contains roughly 5,000,000 hair follicles. The function of each hair follicle is to produce a hair shaft.

https://www.sharecare.com/health/healthy-hair-and-scalp/hair-functions-purpose

وعليه فمتوسط عدد الشعرات التي تغطي الجسم في سائر القردة حوالي 5 ملايين شعرة، وهو المتوسط ذاته في الإنسان، فإن كان هناك اختلاف فسببه الأساسي هو اختلاف سمك الشعرات، فشعر القردة أسمك ما يجعله يبدو أغزر، بينما شعر جسم الإنسان زغبي ناعم.

“We appear glabrous or “hairless” because of the incredibly fine nature of our hair, rather than a lack of hair follicles.

https://theconversation.com/shave-tight-dont-let-the-bed-bugs-bite-4732

من ثم فإن افتراض التطوريين أن شعر الجسم في الإنسان أثر في سبيله للاندثار هو افتراض خاطيء.

ثانيًا: شعر الجسم يؤدي وظائف كثيرة للإنسان، أثبتتها وعزّزتها الدراسات الحديثة. ولن أتكلم عن شعر الأذن والرموش والحواجب، والمثبتة وظائفها، بل إن الشعر الذي يغطي سائر الجسم، الذي يجادل بشأنه التطوريون له أيضًا وظائف هامة للغاية.

وإجمالًا يمكن القول: "في البشر، الشعر له وظائف مختلفة مثل الحماية من العوامل الخارجية، والزهم، وعرق الغدد العرقية المُفْتَزِرة، وإنتاج الفيرومونات وتنظيم الحرارة. يلعب الشعر أيضًا أدوارًا مهمة للتفاعل الاجتماعي والجنسي للفرد".

“In humans, hair has various functions such as protection against external factors, sebum, apocrine sweat and pheromones production and thermoregulation. The hair also plays important roles for the individual’s social and sexual interaction”.

https://www.intechopen.com/chapters/53880

"يجمع الشعر العرق ويحمينا من أشعة الشمس الضارة ومن الجزيئات الصلبة المحملة مع الأتربة والأجسام الغريبة التي قد تؤذي الجلد أو تدخل الجسم".

“Hair collects sweat and protects us from damaging sun rays and from particles of debris and foreign objects that could hurt the skin or enter the body”.

https://healthfully.com/what-is-the-function-of-human-hair-4102770.html

ويمكن تفصيل وظائف شعر الجسم في الإنسان فيما يلي:

·      يلعب الشعر دورًا رئيسيًا في تنظيم درجة حرارة جسم الإنسان صيفًا وشتاءً؛ حيث إنه نظرًا لأن الإنسان وعددًا من الثدييات كالخيول يمتلك غددًا عرقية في سائر الجسم، فالشعر القصير غير الكثيف الذي يغطي أجسامها يسمح بالتعرق وتخفيض درجة حرارة الجسم صيفًا، كما أن الشعر يحبس الحرارة فيؤمن الدفء للجسم شتاء.

ووفقًا لدائرة المعارف البريطانية فتتمثل أهم وظيفة لشعر الجسم في عزله من البرد عن طريق الحفاظ على حرارة الجسم. The most important function of hair in mammals is that of insulating against cold by conserving body heat.

https://www.britannica.com/science/hair-anatomy

·      يستجيب شعر الجسم للمؤثرات الخارجية، ويعمل كمستقبل حسي؛ لارتباط بصيلات الشعر بألياف عصبية، تنقل رسائلًا إلى الجهاز العصبي.

http://faculty.washington.edu/chudler/receptor.html

"يؤدي شعر الإنسان وظائف عديدة. يحمي البشرة من التأثيرات البيئية. يستجيب للمدخلات الخارجية، ويترجم هذه المعلومات إلى نبضات عصبية يتم تفسيرها على أنها منبهات حسية من قبل الدماغ.

“Human hair performs several functions. It protects the skin from environmental influences. It responds to external input and translates this information into neurological impulses that are interpreted as sensory stimuli by the brain.

https://www.sharecare.com/health/healthy-hair-and-scalp/hair-functions-purpose

ويعتبر التطوريون وجود العضلات الناصبة لشعر جسم الإنسان التي تنقبض عند الشعور بالبرد أو عند الخوف من الأعضاء الأثرية، مع أن انقباضها في الإنسان وفي الثدييات عمومًا له دور واضح في عزل الحرارة عندما يكون الجو باردًا كما يكون له دور في تقليل إفراز الأدرينالين لاتصال بصيلات الشعر بالألياف العصبية.

·      يساهم الشعر في حماية الجسم من الأتربة والأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء والأشعة الكهرومغناطيسية.

·      يدفع شعر الجسم عنه الميكروبات والبكتريا والطفيليات والحشرات كقملة الجسم والبق والحشرات القارصة، وتلك التي تنقل الأمراض إلى الجسم مثل الطاعون والتيفود. وقد أثبتت العديد من الدراسات الحديثة أن شعر الجسم يحمي الجلد من هجمات الحشرات؛ كونه يستكشف وجودها كمستقبل ميكانيكي mechanoreceptor، وهذا حسب دراسة تجريبية نُشرت في أواخر عام 2011م، في عدة مواقع علمية هامة.

“One feature of these fine hairs is that they act as mechanoreceptors, detecting things that might move over the surface of our skin, such as bed bugs.

https://theconversation.com/shave-tight-dont-let-the-bed-bugs-bite-4732

Body Hair Senses Parasites While Slowing Their Blood Quest

https://www.scientificamerican.com/podcast/episode/body-hair-senses-parasites-while-sl-11-12-13/

Controlled stimulation of hair follicle receptors.

http://jap.physiology.org/content/36/2/256.long

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/4811387

ووفقًا للدراسات العلمية فإنه يبدو أن لوجود الشعر على الجسم دوره في إعاقة الطفيليات عن أن تخترق الجلد لتتغذى منه. وتمت ملاحظة هذا التأثير لشعر الجسم في المناطق الموبوءة ببعوضة الأنوفيليس الناقلة للملاريا، حتى أن الألياف العصبية المتصلة بالشعر قد تُشعر الفرد بالبعوضة ليضربها قبل أن تخرق الجلد.

ووفقًا للمواقع العلمية المتخصصة فإن "مناعة الشعر مذهلة للغاية ومعقدة. وتمثل بصيلات الشعر موقعًا ذا امتياز مناعي (IP)، والذي يتم تعريفه أساسًا على أنه موقع في الجسم حيث يمكن أن تعيش طعوم الأنسجة الغريبة لفترات أطول من الوقت دون رفض المناعة".

“The immunology of hair is very amazing and complicated. The hair follicle represents an immune privileged (IP) site, which is defined basically as a location in the body where foreign tissue grafts can survive for longer periods of time without immune rejection”.

https://www.intechopen.com/chapters/53880

·      يُعتبر الشعر من الوسائل الهامة لطرد سموم الجسم، فقد وُجد في بعض حالات التسمم تركيزات عالية من العناصر السامة في الشعر، كعنصريّ الزئبق، والرصاص.

·      يُسهم الشعر في تجديد خلايا البشرة عند إصابتها بجروح، عن طريق المواد التي تفرزها بصيلاته.

·      يُخزِّن الشعر الخلايا التي تكسب البشرة اللون.

·      يعدّ وجود الشعر وتوزيعه وكثافته علامة على التوازن الهرموني في الجسم، كما يعتبر تساقطه علامة على وجود بعض الأمراض، كالجذام الذي يفقد المريض بسببه شعر جسمه وحاجبيه ورموشه.

وثالثًا: الإنسان ليس النوع الثديي الوحيد من الثدييات المشعرة (التي يغطيها الشعر) الذي لا ينمو على جسمه شعر غزير، فالشعر يوجد بدرجات متفاوتة بين الثدييات، فبينما في أنواع كثيرة يكون الشعر غزيرًا إلى درجة تكوين طبقة فوق سطح الجلد، توجد أنواع ثديية عديدة ذات جسم أملس وتشمل جميع الثدييات البحرية من الحيتان والدلافين وبقر البحر، وبعض الثدييات الأرضية كوحيد القرن والفيلة والخيل.

وشعر الجسم له علاقة بموازنة إفراز العرق، ويبدو أن لخفة شعر الجسم في بعض الثدييات الأرضية ارتباطًا بتوزيع الغدد العرقية بغض النظر عن اختلافها (الغدد العرقية المُفرِزة Eccrine sweat glands / الغدد العرقية المُفْتَزِرة ‏Apocrine sweat glands‏)، فالحيوانات التي تبذل جهدًا كالخيول والحيوانات المفترسة أو تكون ذات وزن كبير كالفيلة ووحيد القرن، يكون جلدها مثل جلد الإنسان إذ تتوزع الغدد العرقية في الجلد بالكامل لتسمح لها بمزيد من التعرق، ويكون الشعر خفيفًا. علمًا بأن الشعر يساعد الجلد في التخلص من العرق الذي تم إفرازه للمساعدة في تبريد الجسم، ولكن غزارة الشعر الزائدة تعيق التعرق وإطلاق الحرارة من الجسم.

والخيول تحديدًا يتوزع على أنحاء جسمها غدد عرقية مُفترزة فعالة للغاية في تنظيم درجة حرارة أجسامها، بينما تنتشر الغدد المُفرزة على جسم الإنسان لأجل التبريد.

العظيمات الداخلية المطمورة في الجزء الخلفي لدى الحوت

توجد عظام حوضية مطمورة في التركيب العضلي لجسم الحوت وعظام أخرى ‏مطمورة يعتبرها التطوريون بقايا عظام الطرف الخلفي. وهذه العظام بحسب التطوريين هي أعضاء أثرية غير وظيفية تظهر ‏التاريخ المشترك بين الحوت والثدييات البرية، إذ يدعون أن للحوت وبقية الثدييات البحرية كالدلافين سلفًا بريًا، قرر أن يترك الحياة على البر ويعود إلى الماء!

بينما تأكد للعلماء أن هذه العظام ليست أثرًا عديم الفائدة كما يروج التطوريون؛ بل هي ‏هامة ورئيسية في تركيب ‏الحيوان وقدرته على البقاء والتكاثر؛ فهذه ‏العظام المطمورة في منطقة الحوض هي بمثابة نقطة الدعم للعضلات والذيل والأعضاء ‏الداخلية في تلك المنطقة من الجسم، وهي هامة للغاية خاصة لحيوان بحجم الحوت. كما أن لها دورًا في توجيه الجماع والإخصاب والولادة.

وهناك دعاوى تطورية أخرى بخصوص الأطراف الخلفية للحيتانيات نناقشها في مقال "التأسل الرجعي".

أجنحة الطيور التي لا تطير


على اختلاف الطيور ما بين رواكض وبطاريق وطيور طائرة تستطيع الطيران، فجميعها لها أجنحة.

ولا ‏يُستثنى من ذلك غير طيور الفيل وطيور الموا العملاقة المنقرضة. وطائر الفيل ‏Aepyornithidae‏ هو من ‏الفقاريات أشباه رباعيات الأطراف، يمثل فصيلة طيور كبيرة الحجم وغير قادرة على الطيران كونها عديمة ‏الأجنحة، حيث كان لها طرفان فقط (قدمان). تواجدت هذه الطيور في مدغشقر حتى القرن 17. أما الموة أو ‏الموا ‏Dinornithiformes‏ فكان طائر له تسع سلالات، وهو من الطيور التي لا تطير عديمة الأجنحة، وكان ‏يستوطن نيوزيلاندا.‏

ومن الأعضاء الأثرية التي يدعيها التطوريون أجنحة الطيور التي لا تطير؛ حيث يدعون أن الطيور التي لا تطير انحدرت من طيور كانت تطير، لكنها تطورت على هذا النحو ففقدت القدرة على الطيران، فانعكس مسار التطور الأعمى كونه لا يعرف له مسارًا محددًا؛ حيث قد يكون التطور انحداريًا، فالتطور يسير للأمام وللخلف!

وأول ما يُرد به على هذا الزعم أنه من المعلوم أن الطيور الحديثة التي تعيش في عصرنا الحالي تنقسم إلى ثلاث فوق رتب (الرواكض أو النعاميات- السابحات أو البطاريق- الطيور الطائرة)، وتصنيفها جميعًا تحت مسمى طيور هو من إبداع الإنسان لأنه رأى فيها جميعًا –على اختلافها- خصائص مشتركة أهمها الجناحان والريش، ولا يعني أن ينعكس الحال فيفترض الإنسان أن كل ما وضعه تحت طائفة الطيور يلزم أن يطير ويحلق في أعالي السماء ليتوافق مع مسمى التصنيف الذي وضعه!

ثم إن التطوريين يصرون على تجاهل وجود وظائف أخرى أساسية بخلاف الطيران للجناحين والريش لدى كل الأنواع التي ادرجوها تحت مسمى الطيور، وأن هذه الوظائف ليست مستحدثة، ويعتبر التطوري جيري كوين من أكثر من تبجح بخصوص أثرية أجنحة الطيور التي لا تطير، واعتبر أن أي وظيفة أخرى يقوم بها ذلك الجناح للنعامة وغيرها من الطيور التي لا تطير هي وظائف جديدة استحدثت! رغم اعترافه أن النعام يستخدم أجنحته للتوازن عند الجري كي لا ينقلب، كما يستخدمها أيضًا في استعراض التزاوج، ولتظليل أفراخه من الشمس، ولتهديد الأعداء، والوظيفة الأخيرة هي وظيفة تختلف عن وظيفة الهرب من الأعداء التي كان يوفرها الجناحان للطيور التي تطير. والحقيقة أنه بالغ في تأكيده هذا المفهوم لأثرية الأعضاء كما يراه التطوريون حد أن اعتبر من الأسباب التي جعلت بعض الطيور لا تطير عدم احتياجها لوظيفة الطيران للابتعاد عن المفترسين أو للحصول على الغذاء فقامت بتوفير الطاقة التي كانت تبذلها في الطيران لأجل القيام بوظيفة أخرى!

ومن أهم الوظائف التي يوفرها الجناحان للطيور:‏

• حماية الصغار وتدفئتهم والحنو عليهم باستخدام الجناحين.‏

•الحفاظ على درجة حرارة الجسم فتبرده في الجو الحار، كما أنها تدفئه في البرودة، ومعلوم أن عضلات أجنحة الطيور فريدة بحيث لو حاول الإنسان تقليد حركتها بيديه لاحترقت عضلاته.‏

• الرفرفة بالجناحين للطيور الأرضية للقفز بين الأغصان ومن أماكن مختلفة للهرب.‏

• الأجنحة القصيرة والمتينة تفيد في المناورات المتتابعة.‏

• تساعد الأجنحة الطيور المائية على العوم.‏

• حفظ الطائر من البلل عند السباحة أو الغطس أو الأجواء الممطرة عن طريق نظام ‏التشميع والتلميع في الجناحين والذيل.‏

• الجذب الجنسي.‏

• ألون الريش تساعد الطائر على التخفي من أعدائه.‏

وفي كتابه "لماذا التطور حقيقة؟" وبعد أن تحدث مطولًا عن جناحي النعام الإفريقي، يضرب جيري كوين أمثلة أخرى بالطيور التي لا تطير والتي تتضمن الرِية الجنوب إفريقي والإيمو الأسترالي والكيوي الأسترالي، والرايس والطيور الغواصة والبط والبطريق والكاكابو النيوزيلندي.

 


ويقول إنه بينما تكون الأجنحة في الكيوي صغيرة جدًا ومدفونة تحت الريش، ولا يبدو أن لها أي وظيفة، ونراها في النعامة قد اكتسبت وظائف جديدة، فإنها في البطريق متحورة إلى زعانف تمكنه من السباحة تحت الماء، وعظامها كلها تشاكل عظام أجنحة الطيور التي تطير، ويعتبر هذا دليلًا على التطور من أسلاف طائرين.

والفرضية التطورية لفقد بعض الطيور وظيفة الطيران أساسها أن هذه الطيور فقدت القدرة على الطيران حيث تنعدم المفترسات من الثدييات أو تقل! وهي فرضية عجيبة وملتوية كعادتهم؛ إذ إن النعام الإفريقي يوجد حاليًا في النصف الجنوبي من القارة وهو النصف الذي لا زال غنيًا بالحياة البرية المتنوعة ومنها مفترسات ثديية شديدة الخطورة كالأسود والنمور، وكان النعام قديمًا يوجد في مناطق كثيرة من العالم قبل أن ينقرض منها، وعلى سبيل المثال فإن النعام كان يوجد في جزيرة العرب بكثرة وكانت توجد معه الأسود، وأشعار العرب مليئة بذكر كليهما، حتى أن المرأة البدوية كانت تُشبه بالنعامة لأنها تخفي وجهها. فلماذا خاطر النعام بفقد وظيفة الطيران وثقل جسمه مع وجود الأسود؟!

علمًا بأن الطيور التي لا تطير ‏تملأ الكرة الأرضية إلا إن كانوا لم يسمعوا عن الدجاج.‏ ويلاحظ أن التطوريين عند ذكر الطيور التي لا تطير يتجاهلون تمامًا الدجاج لسبب بسيط أن تفسيرهم الساذج لا يصلح إطلاقًا لتفسير عدم قدرة الدجاج على الطيران، فالدجاج لا يطير رغم كونه صغير الحجم، وهو من أكثر الأنواع انتشارًا على كوكب الأرض، ورغم أن الإنسان يوفر له غالبًا الحماية لأنه يربيه للاستفادة منه كطعام إلا أن هذا لا يمنع من وجود مفترسات له تصل إليه في الحظائر التي يربيه فيها البشر، وهناك قصة شهيرة عن الثعلب المكار الذي يأكل الدجاج ربما لم يسمعها التطوريون، فلديهم في نظريتهم قصص أطفال كافية. مع الأخذ في الاعتبار أن التدجين وتوفير الإنسان الحماية للطائر لا تبرر فقده لوظيفة الطيران، فالحمام لا زال يطير رغم أنه من الطيور الداجنة التي يربيها البشر.

ودائمًا يضرب التطوريون مثلًا بالطيور في نيوزيلندا في محاولة لإيجاد مبرر لفكرة فقد الطيور التي تطير لوظيفة الطيران نتيجة الظروف البيئية. يقول التطوريون إن نيوزيلندا كانت تخلو من الثدييات، وقديمًا جاءت طيور "الموا" بالطيران وحطّت ‏في نيوزيلندا، ونظرًا لوجود مساحة بيئية شاسعة ولعدم مزاحمة الثدييات، وجدت أنها غير ‏محتاجة لأن تطير وبدأت تبحث عن رزقها على الأرض، ففقدت القدرة على الطيران بسبب عدم استعمال الجناحين، ثم فقد الموا الجناحين. 

 

وهذا التبرير التطوري إضافة إلى اقتصاره على طيور نيوزيلندا والمناطق المتطرفة التي تكاد أن تخلو من المفترسات، فإنه لا يبرر لماذا زاد حجم طيور ‏الموا حد التعملق عندما توقفت عن الطيران؟ لماذا طالت سيقانها وارتفعت كثيرًا عن الأرض؟ فالدجاج على سبيل المثال لم يزد حجمه ولم تطل سيقانه.


وببغاء الكاكابو Kakapo النيوزيلندي البدين –على سبيل المثال- هو طائر بدين لا يطير، يعيش على أرض الغابات ويتسلق الأشجار، وهو عرضة للانقراض حاليًا بسبب عدم قدرته  على الطيران كونه فريسة سهلة للقطط والفئران وهي المفترسات الحالية التي جلبها المستوطنون.

فلو كان اكتساب القدرة على الطيران وفقدها نمطًا تطوريًا وللطائر قدرة عليه، فلِم لم يتعلم هذا الطائر الطيران مرة أخرى بدلًا من أن يصبح مهددًا بالانقراض لأنه لا يطير!

ثم إنهم يدعون أن نيوزيلندا كانت موطنًا لأنواع قليلة من الثدييات البحرية  مثل "أسد بحر نيوزيلندا"، وثلاثة أنواع من الخفافيش، بينما كانت تخلو من الثدييات البرية حتى أدخل المستوطنون في العصر الحديث أنواعًا من الثدييات البرية مثل القطط والفئران والأبقار، ولكن الحقيقة أن نيوزيلندا التي هي ‏مجموعة جزر صغيرة للغاية كانت قديمًا غير آهلة بالسكان، كانت تعيش بها ثدييات كسائر بلاد العالم، وفي عام ‏‏2006 اكتشف العلماء عظامًا لحفرية فريدة من نوعها من الثدييات البرية بحجم الفأر في ‏منطقة أوتاجو من الجزيرة الجنوبية. صحيح أن هذا الحيوان يصعب أن يشكل خطرًا على الطيور، ولكن الاكتشاف ذاته يثبت أن هناك حيوانات ثديية عاشت وتعيش في نيوزيلندا كموطن أصلي لها، والمفترض ‏أنها كانت متواجدة في الزمن الذي يدعي التطوريون حدوث تطور الطيور به.‏

بعض التراكيب التي تتصل بأجنحة الحشرات!

لعل من أهم النقود التي يوجهها العلماء المعترضين على نظرية التطور للنظرية أن الحشرات تحديدًا ليس لها سجل تطوري واضح، وهو ما يعترف به التطوريون رغم أنهم بارعون للغاية في اختلاق القصص التي ليس عليها دليل، فلا يعجزهم النقص الحاد في سجلها الأحفوري عن تخيل كيف ومتى تطورت!

وعلى موقع تطوري متخصص في الأحافير كتبوا بخصوص حفريات الحشرات:

"بالمقارنة مع الكائنات الحية الأخرى، لم تترك الحشرات سجلًا أحفوريًا قويًا بشكل خاص. بخلاف العنبر، تكون معظم الحشرات برية ويتم الحفاظ عليها فقط في ظل ظروف خاصة جدًا مثل حافة بحيرات المياه العذبة. ومع ذلك، فإن العمر في العنبر محدود لأن إنتاج الراتينج الكبير من الأشجار تطور متأخرًا عن الحشرات القديمة. ومن المثير للاهتمام، أنه في حين أن حوالي ثلث الأنواع غير الحشرية عبارة عن أحافير منقرضة، يُعتقد أن 1/100 من الحشرات فقط هي أحافير منقرضة".

“Compared to other organisms, insects have not left a particularly robust fossil record. Other than in amber, most insects are terrestrial and only preserved under very special conditions such as at the edge of freshwater lakes. Yet in amber, age is limited since large resin production by trees developed later than the ancient insects. Interestingly, while some 1/3 of non-insect species are extinct fossils, it is believed that only 1/100th insects are extinct fossils”.

http://www.fossilmuseum.net/Evolution/evolution-segues/insect_evolution.htm

فوفقًا للتطوريين فإن الحشرات المحفوظة في العنبر هي حشرات حديثة، بينما الحشرات القديمة ليست لها حفريات، لذا فإن حفريات الحشرات المنقرضة تمثل 1% من الحشرات. ولا يعنينا ملف تطور الحشرات المختلق هنا، بل حديثنا عن تطور أجنحة الحشرات، والتي من المفترض وفقًا للنظرية أن نسبة كبيرة من الحشرات قد طورتها تطورًا مستقلًا عن تطورها في الطيور لأداء وظيفة الطيران.

وجناح الحشرة المجنحة هو جزء يمتد من هيكلها الخارجي، وتختلف الأجنحة اختلافات شاسعة بين الأنواع المختلفة من الحشرات. ولا شك أن الأجنحة هامة في تصنيف الحشرات بغض النظر عن الأخذ بالمنظور التطوري، وتقسيم طائفة الحشرات Insecta إلى رتب يكون غالبًا على أساس الأجنحة؛ فهناك رتبة مستقيمة الأجنحة Orthoptera، ومتساوية الأجنحة Isoptera، ونصفية الأجنحة Hemiptera، وهدبية الأجنحة Thysanoptera، وثنائية الأجنحة Diptera، وحرشفية الأجنحة Lepidoptera ، وغمدية الأجنحة Coleoptera، وغشائية الأجنحة Hymenoptera، وغيرها، وهذا التنوع في أشكال الأجنحة بحاجة لتفسير حقيقي لنشأته في ضوء نظرية التطور، وليس افتراض أنساب تطورية بناء على تعرقات وأوردة الجناح كما يفعلون!

وأغلب الحشرات المجنحة تكون رباعية الأجنحة four-winged insect، لها زوج من الأجنحة الأمامية forewings وزوج آخر من الأجنحة الخلفية hindwings على الفقرتين الصدريتين الثانية والثالثة، ولكن بعضها يوجد لها أجنحة أمامية وحسب. وحشرات تحرك عضلات الطيران بشكل مباشر وحشرات ذات طيران غير مباشر.

وهناك حشرات يكون فيها أحد الجنسين مجنحًا والآخر لا (وغالبًا تكون الذكور هي التي تطير)، أو توجد الأجنحة لدى بعض فئات الحشرات وتفتقدها بعضها "الشغالات" مثلما الحال في النمل. وهناك حشرات تكون مجنحة في مرحلة من مراحل دورة حياتها.

والأهم من كل هذا التنوع الشكلي هو تصميمها الميكانيكي الذي يمكنها من أن تجمع بين المرونة والصلابة. وفي ختام مقال شهير بعنوان "التصميم الميكانيكي لأجنحة ‏الحشرات" كتب ‏ عالم البيولوجيا الإنجليزي، روبرت واتن: Robin J. Wootton ‏"كلما فهمنا طريقة عمل أجنحة الحشرات بشكل أفضل، ظهرت تصاميمها أكثر دقة وجمالًا. تبدو المقارنات السابقة مع الأشرعة غير كافية الآن. تظهر الأجنحة كعائلة من الجنيحات المرنة التي هي بمعنى ما وسيطة بين الهياكل والآليات، كما يفهم هذه المصطلحات من قبل المهندسين. تم تصميم الهياكل تقليديًا بحيث تتشوه بأقل قدر ممكن؛ آليات مصممة لتحريك الأجزاء المكونة بطرق يمكن التنبؤ بها. تجمع أجنحة الحشرات معًا في واحد، مستخدمة مكونات ذات مجموعة واسعة من الخصائص المرنة، ويتم تجميعها بأناقة للسماح بالتشوهات المناسبة استجابةً للقوى المناسبة وللاستخدام الأمثل للهواء. لديهم القليل من المتوازيات التكنولوجية، في حال إن وجدت".

“The better we understand the functioning of insect wings, the more subtle and beautiful their designs appear. Earlier comparisons with sails now seem quite inadequate. The wings emerge as a family of flexible airfoils that are in a sense intermediate between structures and mechanisms, as these terms are understood by engineers. Structures are traditionally designed to deform as little as possible; mechanisms are designed to move component parts in predictable ways. Insect wings combine both in one, using components with a wide range of elastic properties, elegantly assembled to allow appropriate deformations in response to appropriate forces and to make the best possible use of the air. They have few if any technological parallels-yet”.

Robin J. Wootton, «The Mechanical Design of Insect Wings», Scientific American, V. 263 (5), November ,1990 p.p.114-120

https://www.scientificamerican.com/article/the-mechanical-design-of-insect-win/

والكلمة الأخيرة التي ختم بها واتن مقاله بأن أجنحة الحشرات ليس لها مثيل في الأنظمة الهندسية المستخدمة في الطيران دفع علماء آخرون للاستلهام منها. وفي دراسة حديثة نُشرت في مارس 2021 استوحت من أجنحة الحشرات لتقديم مفهوم "الصلابة الثلاثية" لتطوير العناصر الهيكلية التي تتحمل الأحمال والمتينة والمقاومة للتأثيرات في الوقت نفسه، وتطبيقه على الأنظمة الهندسية، وتم دمج الهياكل المطورة في نماذج أجنحة الطائرات المطبوعة ثلاثية الأبعاد التي صمدت أمام الاصطدامات دون فشل.

"المرونة والصلابة هما خاصيتان رئيسيتان للعنصر الهيكلي. ومع ذلك، فغالبًا ما تكون متنافية؛ تغيير أحدهما يؤدي إلى تغيير متبادل في الآخر. يكمن حل الجمع بين المرونة والصلابة في نظام ميكانيكي في المقايضة التكيفية بينهما. ومن المثير للاهتمام أن مثل هذا المزيج يمكن العثور عليه في كثير من الأحيان في الهياكل البيولوجية. تمثل أجنحة الحشرات، على سبيل المثال، مثالًا رائعًا. يستجيبون باستمرار للأحمال المطبقة، من خلال تعديل صلابة ومرونة، من خلال استراتيجيات تصميم مختلفة، والتي غالبًا ما تشمل التدرجات الهيكلية، والمفاصل المرنة، والتشابك الميكانيكي".

“Flexibility and stiffness are two key characteristics of a structural element. However, they are often mutually exclusive; changing one of them causes a reciprocal change in the other one. A solution to combine the flexibility and stiffness in a mechanical system lies in an adaptive trade-off between them. Interestingly, such a combination can often be found in biological structures. Insect wings, for instance, represent a remarkable example. They constantly respond to the applied loads, by adjusting their stiffness and flexibility, through different design strategies, which often include structural gradients, flexible joints, and mechanical interlocking”.

https://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/advs.202004338

وأصل الأجنحة في الحشرات من الموضوعات التي أثارت جدلًا بين التطوريين، ما بين من يفترض تطورها من تركيب ما كان لدى السلف المفترض يشبه الخياشيم، وبعضهم افترض أنها نشأت كبروز من جسم الحشرة وليس من تركيب سابق، وفي كلتا الحالتين فقد حدث تعدل في التركيب أنتج الأجنحة.

وأشهر النظريات الحالية لتفسير ظهور الأجنحة ووظيفة الطيران عند الحشرات تكاد تتطابق مع النظرية الشجيرية لتطور أجنحة الطيور التي سنعرضها في مقال "تطور الطيور"، ولكنها تفترض حدوث ذلك تزامنًا مع ظهور الغابات على سطح الأرض، فواجهت الحشرات ضغوطًا تطورية أثناء بحثها عن الغذاء، ما جعل كثير منها تلجأ للتزلق ثم نشأت لها أجنحة وطارت! وبعضهم يتساءل إن كانت أجنحة الحشرات قد تطورت على الأرض أو في الماء!

ولكن بينما يرى العلماء الحقيقيون في أجنحة الحشرات إعجازًا يجمع بين المرونة والصلابة يستحق أن يحاكوه يدعي التطوريون –على عادتهم- أن بعض بعض التراكيب التي يفترضون صلتها بهذه الأجنحة أثرية لأنهم لا يعرفون وظيفتها!

وكأمثلة على ذلك فإن حشرة العثة الغجرية الأنثى لديها تراكيب يدعي التطوريون أنها هي ذاتها عضلات للأجنحة، ‏وأنها أعضاء أثرية لعدم وجود الأجنحة.‏ وبينما الذكر لديه أجنحة وقادر على الطيران بقوة، فالأنثى تفرز الفيرمون ذا الرائحة النفاذة ‏لتغري بها الذكر ويتعرف على مكانها، ولو كانت تطير لما التقى بها الذكر ولأصبحت صيدًا سائغًا للخفافيش. و‏تستطيع العثة الغجرية سماع موجات فوق صوتية بقوة (150 كيلو هيرتز)، وهي أعلى مما يستطيع سماعه الخفاش ‏الذي يعتبر المفترس الأول الذي يتغذى عليها.‏

والعجيب ألا يرى عاقل في كل هذا التصميم الذكي وطرق التواصل ‏بالموجات فوق الصوتية ورائحة الفيرمون دليلًا على قدرة الله بل دليلًا على التطور لأن هناك ‏تركيب لدى الأنثى يجهلون حتى الآن فائدته!

وكانت الكثير من علامات الاستفهام تحيط أجنحة الحشرات حرشفيات الأجنحة، ومنها العث، ولكن دراسة حديثة نُشرت في نوفمبر 2020 أجراها فريق من كلية العلوم البيولوجية في جامعة بريستول University of Bristol وجدت أن حراشف أجنحة العث تحديدًا يغطيها تركيب رقيق للغاية قادر على امتصاص الموجات فوق الصوتية، والتمويه على قدرة الخفاش على تحديد مواقعها بالصدى، وحاليًا يعكف العلماء على محاكاة هذا التركيب بهدف الوصول إلى جهاز خفيف الوزن أشبه بورق الحائط قادر على إلغاء أو تخفيف الضوضاء.

كما لا زال العلماء يواصلون الدراسات لفهم وظيفة هذا التركيب الموجود لدى الأنثى وهل يقوم أيضًا بامتصاص الموجات الصوتية.

وقد قال العلماء تحديدًا إن هذه الآلية توجد لدى العث وليست موجودة لدى الفراش وأضافوا "يثري هذا العمل فهمنا للتعقيد الهيكلي والوظيفي لأجنحة حرشفيات الأجنحة lepidopteran ويكشف عن طرق جديدة جذابة للتصميم". This work enriches our understanding of the structural and functional complexity of lepidopteran wings and reveals enticing new ways to design.

https://www.bristol.ac.uk/news/2020/october/moths-acoustic-camouflage.html

https://www.pnas.org/doi/abs/10.1073/pnas.2014531117

وهناك ادعاءات تطورية أخرى بخصوص أجنحة الحشرات من رتبة ثنائية الأجنحة كالذباب والبعوض لأن لديهم جناحين أماميين فقط للطيران ودبوسين خلفيين للتوازن. ويزعم التطوريون أنهما تطورا ليصيرا بهذا الشكل، وأن الخلق الخاص لا يفسر!

فالتطوريون يرفضون فكرة الخلق الخاص، فلا يصح أن نقول إن الله خلق كل نوع على حاله ‏ابتداء وقدّر له ما هو أنسب لتكيفه، بل لا بد أن يكون قد تطور ليتلاءم مع ظروف معيشته بفعل الانتخاب الطبيعي!

وسواء كانوا يعرفون وظيفة التركيب (دبوسي التوازن في ثنائية الأجنحة) أو يجهلون وظيفته ويدعون أثريته (التركيب عند الفقرات الصدرية في أنثى العث) فكل شيء يتم توظيفه، ويطلقون ادعاءاتهم عنه بأنه نتاج التطور!

الحيوانات العمياء

تعيش أسماك الكهف العمياء في بيئة منخفضة الأكسجين في أعماق المياه، وتمتلك تجاويفًا مكان العيون، وجلدها أحمر باهت، ويصر ‏التطوريون على أنها قد فقدت قدرتها على الإبصار وفقدت ألوانها الزاهية في مشوارها التطوري!

وجرذ الخلد الأعمى أيضًا هو قارض يقضي حياته بالكامل تحت الأرض، ولديه عين صغيرة قطرها ملليمتر واحد مخبأة تحت الجلد، وحساسة لمستويات منخفضة من الضوء لتنظيم إيقاع نشاطه اليومي (نهار/ليل)، ويصر التطوريون أنه تطور من القوارض المبصرة.

والأمر ذاته يتكرر في ادعاءاتهم عن باقي الخِلدان والثعابين الحفارة وجميع الحيوانات التي لها قدرة إبصارية ضعيفة وعيونها مخبأة تحت الجلد، فجميعها يُفترض لها سلف مبصر!

فبدلًا من رؤية التكيفات العظيمة التي تمتلكها هذه الحيوانات يعتبرون ما حباها الله به من صفات تكيفية آثارًا على سلفهم المشترك وتعديلات الطبيعة العمياء!

والرد عليهم يكون بالآتي:

‏1-فرضية التطور الانحداري تطعن في التطور كنظرية من الأساس لأنها تنفي قابلية النظرية ‏للدحض. لا بد من وجود آلية واضحة للتطور كي يعتد به كنظرية، أما أن يُسيّره التطوريون ‏وفق أهوائهم؛ فإذا ما أرادوا قالوا إن هذا الكائن تطور للأمام، وذاك تطور للخلف، وهذا تطور ‏سريعًا أما ذاك فكانت وتيرة تطوره بطيئة، فهذه ليست نظرية قابلة للدحض لأن فرضياتها غير ‏موجهة، وفي كل الأحوال سينتج عن اختبار الفرضية أنها صحيحة طالما أن الشيء ونقيضه ‏صحيح!

والتطوريون يردون بأن أكبر فلاسفة العلم المعاصرين، كارل بوبر، لم يقل بأن التطور نظرية غير قابلة للدحض، فكارل بوبر طعن في الانتخاب الطبيعي كآلية، وهذا طعن ضمني في النظرية في ‏شكلها القديم، ولكن الأهم أنه وفقًا للتطورية التركيبية الحديثة فكل الفرضيات قابلة ومحتملة، ‏وهذا يعني أن التطور ليس نظرية علمية وفقًا لأسس فلسفة ‏العلم.‏

‏2-طريقة التطوريين في الاستدلال مرنة وغير منضبطة؛ فهذه الأنواع خلقها الله على ‏هذه الحالة تكيفًا لعدم وجود ضوء في بيئتها فادعوا أنها تطورت تطورًا انحداريًا، ولو كانت لها ‏تلك العيون المبصرة والجلد الملون حتى لو كانت قادرة على الاستفادة منها بشكل ما لادعوا ‏أنها أعضاءً أثرية، فالتطور مقرر ابتداءً، وجاري البحث عما يدعمه في كل ‏الاتجاهات.‏

‏3-لا يوجد ما يدعم فرضية التطوريين أن تلك الحيوانات كانت لها ‏أعين مبصرة وجلد ملون لبعضها في سالف الزمان، وأنها فقدت هذه القدرة تمامًا الآن؛ بمعنى أنها لو ‏انتقلت للمعيشة في بيئة مختلفة لن يبدأ جلدها في التلون مثلًا ولن تصير مبصرة؟ ولكن التطوريين لا يكفون عن الحديث بثقة عما يجهلون كسائر فرضياتهم بخصوص الأعضاء الأثرية، والدعم الوحيد للفرضية التطورية هو أن التطوريين مقتنعون أن لهم سلفًا مبصرًا لا شك قد تطوروا منه!

‏4- تغير القدرة على الإبصار مع المعيشة في الظلام وتغير لون الجلد في حد ذاتهما ليسا دليلًا على إمكانية حدوث تطور انتواعي، ونشوء أنواع جديدة.

ومعروف أن أي شخص ‏يبقى في الظلام فترة طويلة تعشى عيناه ويفقد نسبة كبيرة من بصره، وهذا يستند إلى ملاحظات موثقة نتيجة تجارب قاسية مر بها بعض البشر.‏ كما اكتشف العلماء أن الجين المسئول عن تصبغ جلد أسماك الكهوف هو الجين ذاته المسئول عن توريث صفة لون الشعر الأحمر عند البشر، فهل لهذه السمكة سلف أورثها هذا الجين؟! كما أن هذا اللون الأحمر ينتشر في كثير من الأسماك والقشريات التي تعيش في أعماق كبيرة أو مياه منخفضة الأكسجين، ولأنني من سكان مدينة الإسماعيلية المصرية حيث يتم صيد الأسماك والجمبري من مياه قناة السويس والبحيرات المُرة حيث نسبة الأكسجين قليلة فأنا أعرف هذا اللون جيدًا في كثير من الأنواع البحرية.

فهناك علاقة بين لون الجلد الأحمر وتكيف سمكة الكهوف للمعيشة في بيئة منخفضة الأكسجين بإنتاج المزيد من الهيموغلوبين في خلايا الدم الحمراء للمساعدة في نقل المزيد من الأكسجين وثاني أكسيد الكربون بين خلايا السمكة وخياشيمها، وهي تتحرك أكثر ونشطة أكثر في البحث عن الطعام القليل المتوفر في بيئتها وتنام أقل مما تنام الأسماك التي تعيش قرب سطح الماء، وهو تكيف دال على عظمة التصميم وليس تكيفًا تطوريًا وجينيًا كما يدعي التطوريون؛ حيث إن الكهوف في أعماق المياه الراكدة لا تصلها نسبة وفيرة من الأكسجين المذاب  في المياه لضعف تأثير الأمواج والتيارات المائية.


 

‏5-يتعامى التطوريون عن عظيم إبداع الله تعالى وحكمته في تكيف أسماك الكهوف لحياتها ‏فيها دون ضوء، وكيف يوجد لديها ولدى كل حيوانات الكهوف وغيرها من الحيوانات العمياء نظام لمسي قوي مثلما هو ‏الحال لدى العميان من البشر.

وعلى سبيل المثال، فإن سمكة الكهوف العمياء لا تملك عيونًا لكن بإمكانها الحركة بحرية في ‏الماء، حيث تمتلك معظم أنواع الأسماك خطًا جانبيًا لاستشعار موجات الضغط في الماء واكتشاف الاهتزازات وتدفق المياه من حولها. وجميع أسماك هذه العائلة تمتلك هذا الخط الجانبي وتستخدمه لتحديد ‏الاتجاه أو للشعور بحركة المفترس. ‏كما أنه يمكنها الشعور بالعوائق والسباحة بجانبها فقط، وأكدت إحدى الدراسات قدرة أسماك الكهوف على تكوين خريطة ذهنية لهذه العوائق لدرجة أنها لو أزيلت تبقى الأسماك تتجنب المناطق التي كانت فيها هذه العوائق!‏

وتوجد على أجسام بعض هذه الأسماك الشفافة صفوف من النتوءات الصغيرة ‏على طول الجسم حتى الرأس لزيادة مساحة سطح الضوء المنعكس عليها للاستفادة من أقل ضوء ممكن، ‏ولزيادة حساسية الجسم لردات فعل ضغط الماء من حوله.‏

واكتشف العلماء مؤخرًا في أوائل عام 2022 أن جمجمة سمكة الكهف المكسيكية غير متماثلة وهو ما يساعدها في التنقل دون مساعدة حاسة الإبصار.

وتوجد لدى سمكة القطة في الكهوف الإفريقية زوائد استشعارية كالمجسّات، وتوجد لواقط ‏رقيقة لدى القريدس، ومجسات حساسة للضغط لدى الأسماك الصفيحية.

ولا يمكن أن ننسى ‏الأنواع الرادارية عند حديثنا عن حيوانات ‏الكهوف؛ إذ تصدر بعض الطيور مثل طائر الزيت في أمريكا الجنوبية ‏Steatornis Caripensis‏ سلسلة من الصرير للمساعدة في تنقلاته، وهي مشابهة ‏جدًا لصرير الخفاش ذي الترددات العالية المعتمد على الموجات فوق الصوتية، وهذا الصرير أشبه بنظام الرادار.

وكمسايرة للتطوريين أطرح سؤالًا هامًا‏

لو سلمنا معكم أن الأنواع الحية لم يخلقها الله خلقًا خاصًا على هذه الحال، وأنه قد حدث فقد لتلك المزايا في ‏تاريخها التطوري، فإن كان هذا الفقد قد تم لحدوث تغير في الظروف البيئية أفلا يحتمل أن ‏يحدث تغير مرة ثانية في تلك الظروف، فتحتاج إلى المزايا التي فقدتها؟ فكيف يكون فقدها ‏مبررًا؟! بعبارة أبسط: هل سمع أحد عن امرأة تسد الثقب الذي يوضع فيه القرط في حلمة أذنها لأنها ‏أصبحت فقيرة لا تملك ثمنَ أن تشتري قرطًا؟!‏

يجيب التطوريون أن لكل شيء تكلفة، فلو تم استبقاء تلك المزايا ستشكل كلفة على الكائن ‏الحي! وهنا يحق لنا أن نتساءل: فلماذا تدعون وجود أعضاء أثرية؟! فبالمنطق نفسه لا يمكن أن يوجد عضو دون فائدة وإلا لمثّل كلفة على الكائن الحي!

فهرس مقالات مدونة نقد التطور- د/منى أبو بكر زيتون

مقالات مدونة نقد التطور مجموعة في كتاب بعنوان "الإلحاد والتطور.. أدلة كثيرة زائفة" يمكن تحميل نسخة pdf عبر الرابط https://p...