هل نشأت الأنظمة الحيوية باستخدام سقّالات؟!
د. منى
زيتون
مُستل من كتابي
"الإلحاد والتطور.. أدلة كثيرة زائفة"
على ساسة بوست، الثلاثاء 11
أبريل 2017
https://www.sasapost.com/opinion/irreducible-complexity/
وعلى المثقف، الخميس 14 يوليو 2022
https://www.almothaqaf.com/research/963895
في
كتابه "أصل الأنواع"، وتحديدًا في الفصل الخاص بصعوبات النظرية، كتب
تشارلز دارون قائلًا: "إذا كان من الممكن إثبات وجود أي عضو معقد، والذي لا
يُرجَّح أن يكون قد تكوَّن عن طريق تعديلات عديدة ومتوالية وطفيفة فسوف تنهار
نظريتي انهيارًا كاملًا".
من
ثم يكون دارون هو أول من ألمح إلى استحالة البناء التراكمي للأنظمة الحيوية
المعقدة، وأنها يستحيل أن تُبنى وتنشأ ابتداءً باستخدام آليات التطور العمياء.
التعقيد غير القابل للاختزال
كان
أول من نحت مصطلح التعقيد غير القابل للاختزال Irreducible complexity هو د.مايكل
بيهي، أستاذ الكيمياء الحيوية بجامعة ليهاي ببنسلفانيا، عام 1996م.
يُعرِّف
د.مايكل بيهي في كتابه "صندوق دارون الأسود.. تحدي الكيمياء الحيوية لنظرية
التطور" التعقيد غير القابل للاختزال على أنه: "نظام واحد مكون من أجزاء
متعددة مترابطة بشكل جيد متفاعلة فيما بينها تساهم في الوظيفة الأساسية، أينما
أُزيل جزء ما من الأجزاء فالنظام سوف يتوقف عن العمل. فأي نظام ذو تعقيد غير قابل
للاختزال لا يمكن أن يُنتَج عن طريق تطوير مستمر للوظيفة البدائية، والتي تستمر
بالعمل بالآلية ذاتها، عبر تعديلات طفيفة ومتوالية لنظام سالف؛ لأن أي سلف لنظام
معقد غير قابل للاختزال، والذي ينقصه جزء ما هو بالتعريف نظام غير صالح
للعمل".
ولأكثر
من عقدين من الزمان، استُخدم المصطلح للإشارة إلى الكثير من الأنظمة الحيوية الوظيفية
المعقدة المتكاملة، ويكاد يكون من المستحيل تصور أن أحد أجزاءها كان سابقًا على
الآخر.
وقد
سبق أن أشرت في مقالي "أصل الحياة" و "الحد الكوني أم الألُفة
الكيميائية؟" إلى النقاش الدائر حول نشأة الحياة، وهل كانت البروتينات أولًا
أم كان الحمض النووي DNA أولًا؛
كونهما يشكلان معًا نظامًا متكاملًا. ومن أشكال ذلك التكامل الذي يستحيل به وجود
أحدهما وعدم وجود الآخر مع استمرار النظام في أداء وظيفته:
·
يُعرَّف
التعبير الجيني Gene expression على أنه
العملية التي يتم من خلالها تحويل المعلومات من الجينات (ترجمة شفرة الحمض النووي)
لإنتاج البروتينات –غالبًا-، وفي الوقت نفسه توجد مجموعة من البروتينات هي التي
تتحكم بزيادة أو إنقاص سرعة التعبير الجيني، وشأنها شأن كل البروتينات يتم نسخها
من جينات الحمض النووي! فالبروتينات، بالإضافة
إلى وظيفتها الهيكلية والإنزيمية في الخلايا، هي المسئول الأول عن تفعيل وتنشيط
الجينات لإنتاج البروتينات!
·
وبينما
يُشفِّر الحمض النووي لتكوين البروتينات، تُسهم البروتينات الهيكلية (الهستونات)
في الحفاظ على DNA؛ حيث تتعقد مع الحمض النووي
لتشكيل الكروموسومات. (الهستونات هي البروتينات التي يلتف حولها DNA ويرتبط بها؛ ليشكِّل الكروماتين).
ومثال
آخر صارخ للتعقيد غير القابل للاختزال، مصدره مفهوم "الحد الأدنى من
الجينات" Minimum Gene set concept. وفقًا
لنظرية التطور فإنه ينبغي أن يكون ممكنًا البدء من (جين صفر) على أن يزيد العدد
تدريجيًا وتراكميًا لتبلغ عدد الجينات المهول في جينومات كل الأنواع الحية
والمنقرضة، ولكن من دراسة أدق وأبسط الخلايا الحية؛ الميكوبلازما Mycoplasma، والتي تحتوي على 468 جينًا،
كل جين منها قد تصل أطوال سلاسل الأحماض الأمينية المكونة لبروتيناته ما بين ألف
إلى عشرة آلاف حمض أميني، اتضح أنه لا يمكن تصور تخفيض عدد الجينات اللازمة
لانطلاق الشرارة الأولى للحياة في الخلية إلى أقل من 200 جين.
وفي
عدد 6 يناير 2006 من مجلة الطبيعة Nature، ذكر الباحثون المتخصصون أنه لا يمكن أن يُخفض العدد اللازم لبدء
العمليات الحيوية في الخلية إلى أقل من 397 جينًا!
https://www.youtube.com/watch?v=eiBxHPRMPRs
وهناك
العديد من الدراسات التي تناولت هذا المفهوم.
https://www.researchgate.net/publication/247698143
والأمثلة
التي صارت تُضرب على التعقيد غير القابل للاختزال أكثر من أن تُحصى لأنها تمثل
جميع الأنظمة الفرعية في الأنواع الحية بدءًا من التركيبات الخلوية فما أعقد.
وفي
كتابه، ضرب د.بيهي أمثلة على بعض الأنظمة الحيوية الصغيرة جدًا، ومع ذلك فهي معقدة
وغير قابلة للاختزال، مثل: الأهداب، والأسواط البكتيرية، وعملية تخثر الدم، والنقل
الحويصلي في الخلايا الحية.
وتعد
فرضية تعقيد الأنظمة الحيوية مهما كانت صغيرة، ومهما بدت للعامة بسيطة، إحدى أهم
فرضيات نظرية التصميم الذكي. إن التعقيد في الأنظمة الحيوية، وفي نظام الكون ككل،
يرتبط بقوانين فيزيائية عالية الدقة، وإلا ما توفرت الظروف المواتية للحياة. بل إن
هناك ما يُسمى بـ "هرم التعقيد". وضعه برنارد كار، وهو فلكي، درس كيف
تعمل قوانين الفيزياء في الكون. تبدأ قاعدة الهرم بالكواركات، والتي تُكوِّن الذرات،
فالجزئيات، فالخلايا، فالكائنات الحية، وانتهاءً بالعقل والوعي، والذي يمثل أعلى
درجات الأنظمة المعقدة. والضبط الدقيق في تكوين كل مرحلة من التعقيد على حدة، بحيث
لا يمكن تفسيرها بتراكم تغيرات بسيطة، كما لا يمكن أن نُبسِّط الأمر بأن ذرات ما
قد ارتبطت لتكوين جزئيات البروتينات المختلفة والدهون وغيرها والتي بدورها كونّت
الخلايا وهكذا.
ومن
هنا بدا واضحًا أن إثبات وجود أنظمة حيوية معقدة متكاملة، لا يمكن أن تعمل بشكل
سليم في حال نقص أي جزء منها مهما صغر، هو تحدٍ علمي حقيقي لنظرية التطور. بل هو
أكبر تحدٍ واجه النظرية، من علم الكيمياء الحيوية تحديدًا، ودفع كثيرًا من العلماء
-رغم كل الضغوط التي يواجهونها- لإعلان التشكك في النظرية في العقدين الأخيرين؛
ومن ثم التوقيع على انسحابهم من تأييد النظرية، وصار لهم موقع على الانترنت.
http://www.dissentfromdarwin.org/
كما
يمكن تحميل القائمة بأسمائهم التي يتم تحديثها كل فترة.
https://dissentfromdarwin.org/download/
http://www.discovery.org/scripts/viewDB/filesDB-download.php?command=download&id=660
ولعله
لا يخفى على العامة أن كثيرًا من المكتشفات العلمية لأنظمة شديدة التعقيد إنما هي
محاكاة علمية لأنظمة طبيعية شديدة التعقيد، فنظام السونار أخذوه من الثدييات
البحرية كالدلافين، ونظام الرادار أخذ من الخفافيش، ونظام غرفة الاحتراق من
الخنفساء القاذفة، والطائرات بأنواعها المختلفة من الطيور، وكل من هذه الأنظمة
عملت عليها عقول ذكية جبارة حتى استطاعت محاكاتها بشكل سليم، فما بالنا بإنتاج هذه
الأنظمة من الصفر! فكيف يدعي التطوريون أن الطبيعة العمياء قد أنتجت هذه الأنظمة شديدة
التعقيد من تغيرات عشوائية؟!
كما
أن التعقيد غير القابل للاختزال يوجد في علاقات التكافل بين الأنواع الحية
المختلفة أو في مجتمعات النوع الواحد المتكافلة؛ فملكة النحل لا حياة لها بدون
وجود الشغالات والذكور، فجميعهم يشكلون مملكة لكل منهم دور واضح فيها، فأيهم تطور
قبل الآخر؟! وكيف عاشت الملكة وحدها دون الذكور ليلقحوها أو الشغالات لينتجن لها
غذاءها؟! إن تطورها وحدها يعني أنها ستهلك ويفنى النوع، فمجتمع النحل وغيره من
المجتمعات التكافلية هو مثال على التعقيد غير القابل للاختزال ووجود التصميم
الذكي.
لكن،
في المقابل، كان هناك من جادل بإمكانية تفسير الأنظمة الحيوية المعقدة عن طريق
آليات التطور التي تفترض التدرّجية، فماذا ادّعوا؟ وهل كان ردًا علميًا له وجاهته؟
يفترض
التطوريون أن الطفرة هي المسئولة عن توليد
المعلومات الجينية الجديدة في جينومات الأنواع الجديدة المفترضة، وأنه باستمرار حدوث
الطفرات لفرد من نوع ما سينتج عنه في النهاية ظهور نوع جديد. من ثم فإن: "البناء
التراكمي عن طريق الطفرات هو الآلية المفترضة للتطور".
وقد
شرحنا في مقالات أخرى الطفرات وطفرات التضاعف الجيني الكبيرة، والطفرات في الجينات
المُنظِّمة (جينات هوكس) HOX Genes، والأدوار المفترضة التي يعطيها التطوريون لكل منها في إحداث
التطور. علمًا بأن التضاعف الجيني في حد ذاته ليس توليدًا لمعلومات جينية وظيفية جديدة.
من ثم فنحن لا زلنا نعاود الدوران مع الطفرة.
ولندع
الطفرة جانبًا، ولنفترض بأن البحث جارٍ عن الآلية التي تم بها توليد ملايير
المعلومات الجينية اللازمة لنشأة الأنواع الحية والمنقرضة.
ولكن هل يمكن البرهنة على أن الأنظمة
الحيوية نشأت تراكميًا باستخدام آلية ما؟
هنا
يظهر اعتراض أنصار التصميم الذكي، فالأمر يتعدى الطعن في الطفرة كآلية لتوليد
المعلومات الجينية المشفرة لكل بروتين على حدة، ويتعدى الطعن في احتمالية حدوث
الطفرات المتطلبة المفترضة لترقي الأنواع وفقًا لنظرية الاحتمالات، بل إن فكرة
البناء التراكمي للنظام الحيوي ذاتها -والذي شيئًا فشيئًا يُرّقي النظام- مطعون
فيها؛ فتعقد الأنظمة الحيوية يبرهن على التكاملية الوظيفية وليس التراكمية.
فبينما
يمكن أن يؤدي النظام المتكون تراكميًا وظيفته في كل الحالات، ولكن التراكم يوفر
فقط إضافة وتحسنًا في أداء الوظيفة، فإن النظام المعقد المتكامل يعجز عن أداء
الوظيفة في حال نقص بعض الأجزاء مهما صغرت، ويبدو الأمر أشبه بنزع مسمار من محرك
السيارة. وهذا هو المقصود بالتعقيد غير القابل للاختزال.
اعتراض التسقيل (الدعم بسقالات)
مصائد التطوريين
عند
طرحه مفهوم التعقيد غير القابل للاختزال لأول مرة استخدم مايكل بيهي مصيدة الفئران
كنموذج مبسط لنظام إن تم نزع أي جزء من أجزائه فقد النظام وظيفته.
وقد
سارع تطوريون بالطعن في دعوى عدم قابلية مصيدة الفئران للاختزال، ومنهم البيولوجي H. Allen Orr، في مراجعته لكتاب بيهي
"صندوق دارون الأسود"، المنشور في Boston
Review. وقام د.بيهي بالرد عليه بنفسه في مقالة على
موقع معهد ديسكفري.
وادّعاء
أور يتلخص في: "يمكن بناء نظام معقد بشكل لا يمكن اختزاله تدريجيًا بإضافة
أجزاء، في حين أنها في البداية كانت مفيدة فقط، لكنها تصبح -بسبب التغيرات
اللاحقة- أساسية. المنطق بسيط جدًا. جزء (أ) في البداية يقوم ببعض العمل (وربما
ليس بشكل جيدًا جدًا). جزء آخر (ب) في وقت لاحق يحصل على إضافة لأنه يساعد جزء
(أ). هذا الجزء الجديد ليس أساسيًا. إنه فقط يُحسِّن الأشياء. ولكن في وقت لاحق،
الجزء (أ) (أو أي شيء آخر) قد يتغير بطريقة ما والتي يصبح على أثرها الجزء (ب) لا
غنى عنه. وتستمر هذه العملية مع طي أجزاء أخرى في النظام. وفي نهاية اليوم، قد
تكون هناك حاجة إلى أجزاء كثيرة".
An irreducibly complex system can be built gradually
by adding parts that, while initially just advantageous, become--because of
later changes--essential. The logic is very simple. Some part (A) initially
does some job (and not very well, perhaps). Another part (B) later gets added
because it helps A. This new part isn’t essential, it merely improves things.
But later on, A (or something else) may change in such a way that B now becomes
indispensable. This process continues as further parts get folded into the
system. And at the end of the day, many parts may all be required.
http://www.discovery.org/a/445
ويقول
د.بيهي في رده على مراجعة أور: "الآن، كيف يمكننا أن نضع هذه الفقرة مع
اتفاقه الأولي أنه إذا تمت إزالة أي جزء من مصيدة الفئران، فإنها لا تعمل؟
بالتفكير في مثال مصيدة الفئران، ما الذي يمكن أن يتوافق مع "جزء (أ)"
والذي "في البداية يقوم ببعض العمل"؟
وفي
الواقع، كانت النقطة الكاملة من مثال مصيدة الفئران تظهر أنه لا يوجد "جزء
(أ)" الذي سيؤدي في البداية المهمة. ليس هناك "جزء (ب)" يساعد على
التحسين التدريجي لـ "جزء (أ)." الإضافة التدريجية للأجزاء غير ممكنة
لمثال مصيدة الفئران (أو على الأقل أنه بعيد جدًا عن الواضح أنه من الممكن)".
Now, how can we square this paragraph with his initial
agreement that if any part of a mousetrap is removed, it doesn’t work? Thinking
of the mousetrap example, what would correspond to “Some part (A)” that
“initially does some job”? In fact, the whole point of the mousetrap example
was to show that there is no “part (A)” that will initially do the job. There
is no “part (B)” that helps gradually improve “part (A).” A gradual addition of
parts is not possible for the mousetrap example (or at least it is very far
from obvious that it is possible).
http://www.discovery.org/a/445
أما
أشهر مقال يتداوله التطوريون على مثال المصيدة لبيهي، فهو مقال للبيولوجي John H. McDonald من جامعة Delaware بعنوان "مصائد
فئران معقدة قابلة للاختزال" A reducibly
complex mousetrap.
واعتراض
ماكدونالد لم يختلف كثيرًا عن اعتراض أور. في هذا المقال عرض ماكدونالد تصورًا
تدريجيًا افترض أنه يبرهن على إمكانية اختزال مصيدة الفئران، وأنها يمكن أن تعمل
في كل مرحلة، ومن ثم التأكيد على إمكانية تطورها تدريجيًا، وعزّز تصوره برسوم
متحركة تبين حال النظام (المصيدة) في كل مرحلة وصولًا إلى صورته النهائية.
يقول
ماكدونالد: "هنا أظهر كيف يمكن للمرء أن يبدأ مع قطعة واحدة من الزمبرك،
ويصنع منه مصيدة فئران غير فعالة، ثم من خلال سلسلة من التعديلات والإضافات من
أجزاء يصنع مصائد أفضل فأفضل، حتى النتيجة النهائية؛ وهي مصيدة الفئران الحديثة.
بالإضافة إلى إثبات أن مصيدة الفئران ليست معقدة بشكل لا يمكن اختزالها، وأوضح
أيضًا الاعتراض الأكثر أهمية على "التعقيد غير القابل للاختزال" كدليل
على "التصميم الذكي": جزء قد يكون اختياريًا في مرحلة واحدة من التعقيد
قد يصبح ضروريًا في وقت لاحق بسبب التعديلات في بعض الأجزاء الأخرى".
Here I show how one could start with a single piece of
spring wire, make an inefficient mousetrap, then through a series of
modifications and additions of parts make better and better mousetraps, until
the end result is the modern snap mousetrap. In addition to demonstrating that
a mousetrap is not irreducibly complex, I also illustrate the most important
objection to "irreducible complexity" as evidence for
"intelligent design": a part which may be optional at one stage of
complexity may later become necessary due to modifications of some of the other
parts.
http://udel.edu/~mcdonald/mousetrap.html
من
ثم فإن اعتراض التطوريين يمثل شكلًا من أشكال الالتفاف على مفهوم التراكمية ذاته؛ والذي
من البديهي أن يفترض إضافات متعاقبة، كما يُنكر اعتراضهم أن الأجزاء الضرورية في
المرحلة النهائية كانت دائمًا ضرورية للنظام في مراحل سابقة.
إذًا،
فماكدونالد يفترض أن إحداث تبديلات متلاحقة في أجزاء النظام -وليس فقط إضافات-،
والتي قد تشمل إزالة أجزاء كانت تسهم في النظام يمكن أن تجعله يعمل في كل مرحلة
أثناء رحلة تكونه التراكمية. كما يفترض أن جزءًا قد يكون اختياريًا –بحسب تعبيره-،
ثم يصبح في مرحلة لاحقة أساسيًا للنظام مع تغير مكوناته.
ونظرًا
لأن التطوريين يفترضون أنه كانت هناك أجزاء سابقة في كل نظام وظيفي، وكانت جزءًا
رئيسيًا منه؛ كونها سمحت له في السابق أن يعمل، ثم لم تعد موجودة فيه، أصبح
اعتراضهم الأشهر على حجة التعقيد غير القابل للاختزال، يُعرف باسم اعتراض التسقيل،
فالسقّالات الجزيئية molecular scaffolding
وفقًا للتطوريين تمنح هيكلًا للبناء، ويمكن إعادة تجميعها لتنتقل
من مكان إلى آخر.
والتسمية
تشبيهًا بما يحدث أثناء عمليات البناء من إضافة سقّالات للدعم، تكون هامة للدعم أثناء
البناء، ولكن يمكن الاستغناء عنها بعد ذلك. وهو تشبيه مأخوذ أيضًا من مراحل النمو
الجنيني للإنسان وغيره، حيث لوحظ أنه "خلال النمو البشري الطبيعي، يتشكل عدد من الهياكل
العابرة ثم تتراجع بالكامل لاحقًا. ........، تتراجع هذه الهياكل تدريجيًا عن طريق
موت الخلايا." “During normal human
development a number of transient structures form and subsequently regress
completely. …….. Later on, these structures gradually regress by cell death.”
https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S094096020180220X
ولكن
محاولة التشبيه بما يحدث أثناء النمو الجنيني هو مغالطة كبيرة من التطوريين لأن
الهياكل الجنينية تنمو من براعم جنينية موجودة ولا يتم افتراض وجودها لأن النموذج
التطوري يعجز عن تفسير وجودها، ثم إنها غير وظيفية فهي لا تعمل ولا تجعل أي تكوين
جنيني ناشئ قادرًا على العمل، وهي جزء من خطة البرمجة الجينية ومراحل التمايز
المعقدة في النمو الجنيني، ثم إنها بعد انتهاء عملها تتراجع وتموت بعد أن أدت
دورها.
وعامة،
فالتطوريون يغالطون كثيرًا بشأن مراحل نمو الجنين ويجتهدون في محاولة تشبيه التطور
به مع أنه لا علاقة بين خطة نمو الجنين المبرمجة والدالة على تصميم دقيق وبين
افتراض حدوث تغيرات عشوائية تنتقي الطبيعة الأفضل من بينها لتبقيه، وأبسط ما يُقال
إن الجنين أثناء مروره بمراحل تخلقه قبل أن يولد مكتملًا لا يعد فردًا حيًا ذا
أهلية، ولو ولد قبل اكتمال تكوينه في أي من هذه المراحل سيموت، بينما يفترض
التطوريون أن كل المراحل الانتقالية الوسيطة في مسيرة التطور كانت أنواعًا حية، وكل
نظام حيوي نشأ بطريقتهم التطورية المفترضة كان يعمل قبل أن يصل لصورته التي هو
عليها.
وعودة
إلى ماكدونالد، فقد استدل ماكدونالد بأن مصائد الفئران الحديثة كان لها بالفعل إرث
قديم، وكل النماذج المختلفة والمتباينة في مستوى التعقيد التي استخدمها البشر
قديمًا كانت تعمل. والمغالطة هنا تكمن في أن
· الجزء الأول وحده (سلك الزمبرك) الذي افترضه ماكدونالد
كبداية –ولم يحدث أن استخدمه البشر يومًا ما كمصيدة فئران- لم يكن نظام مصيدة
ناجحة؛ لأنه باعتراف ماكدونالد كان يمكن للفئران التملص منه. إنه ليس أكثر من
محاولة إثبات زائفة لفرضية أن النظام المعقد الذي يعمل بتآزر عدة أجزاء يمكن أن
يُبسّط ويبدأ من جزء واحد فقط.
· نماذج المصائد الأكثر تطورًا التي تم عرضها، والمتركبة
من عدة أجزاء هي في حد ذاتها أنظمة معقدة غير قابلة للاختزال، ونزع جزء من أجزائها
سيُعطِّلها، وكل منها بحاجة لتفسير كيف تجمعت أجزاؤها تباعًا لتعمل في النهاية؛
لأنه من الواضح أن الإضافات والتعديلات التي جرت عليها بدءًا من إضافة التفافات
على الزمبرك واستخدام شرائط تثبيت والنقل على خشبة ووضع طُعم وتعديل شكل الزمبرك،
لا تقف وراءها الصدفة والعشوائية.
فلتفسير
وجود نظام مصيدة ناجحًا صار لزامًا علينا تصور أنظمة كثيرة! علّمونا في مناهج
البحث العلمي أن التفسير الناجح يختزل الظاهرة ولا يتوسع فيها ويزيد من تعقيدها في
الأذهان!
وهذا
الاعتراض أشبه بنظرية الأكوان المتعددة التي قُدِّمت من قِبل الملاحدة لتفسير
الضبط الدقيق في كوننا، فالملاحدة من الأسهل عليهم تخيل ملايير الأكوان، خرج من
بينها كوننا منضبطًا بدقة وصالحًا لنشأة الحياة فيه، على أن يعترفوا بأنه يوجد كون
واحد منضبط، والضبط الدقيق فيه يدل على مصمم ذكي. ثم يطعنون في المؤمنين بأنهم
يحيلون على الغيب! ومنهجهم غير علمي لا يقوم على الملاحظة والتجريب!
نماذج تراكمية تطورية وردود مُنظِّري
التصميم الذكي
نظام تخثر (تجلط) الدم في الإنسان
نظام
تخثر الدم في الإنسان هو من أشهر الأمثلة لنظام معقد غير قابل للاختزال. يحتاج هذا
النظام إلى مجموعة من البروتينات الموجودة في بلازما الدم، التي تُعرف باسم عوامل
التخثر، وتتفاعل مع بعضها لتكون ما يُعرف باسم شلّال التخثر، والذي يتكون من
مسارين، يتكون كل منهما نتيجة لسلسلة من التفاعلات الكيميائية، ويؤديان في النهاية
(المسار النهائي) إلى تكوُّن خيوط من بروتين الفيبرين لسد الجرح.
وبفحص
أحدث تفسير تطوري لتخثر الدم؛ والذي وضعه دوليتل Doolittle، والذي يعني افتراض خطوات تكوين نظام تخثر الدم في الإنسان
تدريجيًا، سنجد أنه لم يمكنه أن يدّعي من خلال نموذجه أن تخثر الدم كنظام حيوي هو
نظام غير معقد، والأهم أنه كأي تطوري لم يهتم أن يفسر لنا مفارقة أن كل بروتين
لازم في العملية يعتمد في تفعيله على بروتين آخر!
والفيبرينوجين
والثرومبين هما قلب التفاعل في كل أنظمة تخثر الدم في الأنواع الحية. يتمثل الدور
الرئيسي للثرومبين في تحويل الفيبرينوجين إلى خيوط بروتين الفيبرين، وبذا تكون
الخثرة قد تكونت. لكن نظام تخثر الدم في الإنسان أبطأ وأعقد، وفي المقابل يُكوِّن
خثرة دم أكثر فاعلية مما في الأنواع الحية ذات نظام التخثر الأبسط والأسرع كسرطان
البحر، التي يقوم فيها عامل النسيج بتفعيل التخثر
بشكل مباشر.
البروتيزات تقطع وتشذِّب الجزيئات إلى أشكالها وأحجامها النهائية. في دم الإنسان يوجد بروتيز البروثرومبين، ولا بد من تفعيله ليصبح ثرومبين قبل أن يستطيع القيام بعمله ويحول الفيبرينوجين إلى خيوط الفيبرين ويسد الجرح، وكي يتم تفعيل البروثرومبين لا بد من بروتيز X، وهذا البروتيز X بحاجة لأن يتم تفعيله أولًا قبل أن يقوم بتفعيل البروثرومبين، ويتم تفعيله بواسطة عدد من البروتيزات!
والرد التطوري في المقابل على ادّعاء أصحاب التصميم الذكي جاء بالتأكيد على أن نظام تخثر الدم في الإنسان هو بالفعل نظام معقد، ولكن من قال إنه لا يمكن أن يكون نتيجة تطور؟! ثم كتابة سيناريو طويل مُتوهم للكيفية التي يمكن أن يكون قد تم تطوره بها. ألخص خطواته ببساطة في:
· في أنواع أبسط من الكائنات الحية اللا فقارية كسرطان
البحر توجد أنظمة تخثر أبسط مما لدى الإنسان؛ بحيث يحدث التفاعل مباشرة بين
الثرومبين والفيبرينوجين لتكوين الفيبرين، كما أن اللافقاريات تستعمل الأدينوسين
للسيطرة على انقباضات الخلايا العضلية الملساء التي تحيط بالأوعية الدموية، ما يؤدي إلى تقليل فتحة الجرح وشدة النزيف؛ ومن
ثم فنظام التخثر لدى الإنسان قد تطور ابتداءً من هذه الأنظمة.
· بلازما دم سلف الفقاريات كانت غنية بالبروتينات
المستخدمة في عمليات حيوية أخرى لا علاقة لها بتخثر الدم وأهمها الهضم، وأنسجة سلف
الفقاريات كانت محملة بالبروتيزات (الإنزيمات قاطعة البروتين) ولا علاقة لها أيضًا
بالتخثر. وهو بداية تشكل نظام تخثر بدائي للفقاريات.
· حدثت طفرة تضاعف لجين السيرين بروتيز (وهو إنزيم مسئول
عن فسخ الروابط الببتيدية في البروتينات)، ثم تم تفعيل السيرين بروتيز غير الفعّال
في البلازما بواسطة بروتيزات الأنسجة، ما زاد النشاط الكلي لتقطيع البروتينات في
منطقة النزف؛ وبذا يكون قد طرأ تحسن على خثرة الدم. إذًا فالجين المضاعف مع
البروتين الذي لم يكن مستهدفًا للتخثر أصبح مفضلًا بواسطة الانتخاب الطبيعي.
· ثم تم استنساخ الأخطاء نفسها في جين بروتيز البلازما،
وتم إعادة الترتيب الجيني، والذي أثر بدوره على كل البروتين الخلوي. ومع الوقت فإن
أجزاء وقطع من جينات أخرى تقسمت عرضيًا إلى تتابعات بروتيزات بلازما.
· ثم تحدث عملية يفترضها التطوريون، وهي خلط الاكسون
لتشكيل جينات جديدة! تسلسل DNA المعروف بنطاق البروتين المحفوظ هو ذلك الجزء
من الجين الذي يمكنه أن يتطور.
· وبعد هذه التغيرات يكون قد تكون عامل النسيج؛ من تركيبة
بروتين سطح الخلايا مع مستقبلات البروتين المحفوظ بتسلسل جديد.
· وجود جين يضاعف واحد من بروتينات البلازما جعله يتعرض
لضغوط انتخابية لزيادة قدرته على التفاعل مع البروتيزات. الانتخاب الطبيعي كان
يفضل كل وأي طفرة أو إعادة ترتيب تزيد من حساسية الفيبرنوجين لبروتيزات البلازما،
ما حسّن بشكل كبير قدرة البروتيزات الجديدة على تشكيل خثرة محددة غير ذائبة
باستخدام الفيبرينوجين الذائب.
· ثم حدث تضاعف جيني للجين المسئول عن البروتيز الذي يحول
الفيبرينوجين إلى فيبرين، ثم طفرة في الجزء الفعال من النسخة المتضاعفة (ب) غيرت
سلوكه. وتلك الطفرة فضّلها الانتخاب الطبيعي؛ كونها زادت من كفاءة التخثر.
· الانتخاب الطبيعي كان ينتخب أثناء تطور نظام التخثر كل
ما يبقي تشكيل الخثرة تحت السيطرة، وإلا تخثر الدم كله ولم يقتصر الأمر على سد
الجرح. وهذا تم بآليات تضاعف جيني لبروتينات كانت موجودة أيضًا وتطفرت
فتغيرت،.........
وللإطلاع على تفاصيل
الرد التطوري يمكن قراءة الدراسة التالية:
The
Evolution of Vertebrate Blood Clotting
http://www.millerandlevine.com/km/evol/DI/clot/Clotting.html
إذًا؛
فنظام التخثر المعقد في الإنسان حسب التفسير التطوري أتى من بروتينات موجودة
بالأساس في الدم، ولكنها كانت تؤدي وظائف أخرى، ثم إن هذه البروتينات تضاعفت الجينات
المشفِّرة لها، ثم تطفّرت إحدى النسخ وحدثت عليها تغيرات في مواقع التفعيل، وتم
تفضيلها وانتخابها؛ لأنها أدت إلى تحسين عملية التخثر. والتضاعفات الجينية كانت
تتم واحدًا تلو الآخر.
وكما
هو واضح فإن
·
الرد
التطوري على طوله لم يستطع ادّعاء دخول البروتينات اللازمة لعمل نظام التخثر
تدريجيًا، ولكنه تحايل بادّعاء أن بلازما الدم والأنسجة في سلف الفقاريات كانت
غنية بالبروتينات، ولكن لا علاقة لها بتخثر الدم، ثم تطفرت لتؤدي وظيفة التخثر؛
وهذا تحايل على فرضية التعقيد غير القابل للاختزال؛ واعتراف ضمني باستحالة افتراض أن
البروتينات ظهرت بشكل متتالي لأن النظام لن يؤدي وظيفته ما لم يتم إدخال البروتينات
اللازمة دفعة واحدة!
إذًا ومرة أخرى فإن العناصر التي شكّلت النظام تصادف أن
وُجِدت حيث كان المفروض أن توجد!
· يقوم
التصور التطوري على أساس وجود تشابه بين عوامل التخثر، وبغض النظر عن إسراف
التطوريين في الحديث عن التشابهات في كل شيء والتعويل عليها واعتبارها معيارًا
لبناء علاقات النسب، فالتشابه بين عوامل التخثر لا يصل إلى هذا الحد، فلا يمكن
جمعها في عائلة واحدة. وبصفة عامة، تنتمي عوامل تخثر الدم إلى عائلة إنزيمات
السيرين بروتيز، والتي يتلخص عملها في قطع بعض أنواع البروتينات الأخرى في أماكن
محددة، لكن هناك بعض الاستثناءات. على سبيل المثال، ينتمي العاملان VIII وV إلى البروتينات السكرية، بينما ينتمي العامل XIII إلى عائلة إنزيم الترانسجلوتامينيز. وفي
المقابل، لا يحاول السيناريو التطوري إعطاء أي أهمية لتفسير المميزات التي تميز كل
نوع من أنواع بروتينات التخثر عن الآخر، والتي تمكنه من أداء دوره بسهولة.
·
لم
يأتِ دوليتل على مرحلة تكون الفيبرينوجين –الذي هو أساس تكون الخثرة- إلا في
النهاية! وتظهر مستقبلات الثرومبين سابقة عليه، ولكن أيضًا في مرحلة متأخرة من
السيناريو! فوفقًا لسيناريو دوليتل نفسه فإن نظام تخثر الدم لا يعمل بصورة فعّالة
حتى مرحلة متأخرة منه، ولا يوجد تبرير لاستبقاء الانتخاب الطبيعي للنظام عندما كان
في مراحله الأولى، والتي يحاول دوليتل جاهدًا أن يصور لنا أنه كان يمكن أن يعمل
فيها وينتج خثرات.
إن
التحدي الحقيقي الذي تواجه به البيوكيمياء بأنظمتها المعقدة التطور أن التاريخ
البيوكيميائي قد ضاع للأبد، ومع ذلك فالتطوريون يرون في أنفسهم قدرة على إعادة
بناء الماضي بما يلائم، وكتابة سيناريوهات تطورية أعقد من الأنظمة المعقدة التي تفسرها،
والأهم أنهم يتجاهلون فيها كثيرًا من التفاصيل اللازمة؛ ليبدو السيناريو مثل
سيناريوهات الأفلام الهندية حيث يجد البطل فجأة مسدسًا أمامه عندما احتاج إليه،
ودون أن يوجد أي مبرر درامي لوجود المسدس، أو مع اختلاق مبرر غير ذي قيمة.
إن
فكرة التدرج والتراكم في نشأة الأنواع قد تبدو فكرة لطيفة لمن لم يدرسوا الكيمياء
الحيوية، ولكن من درس الكيمياء الحيوية، وفهم كيف تتكامل أجزاء كل نظام حيوي
للقيام بالوظيفة، يفهم أن نقص جزء واحد يعني أن النظام برُمته غير موجود.
ويتساءل
عالم الكيمياء الشهير، والذي اختير كعالم العام في 2013، والمتخصص في التخليق
الكيميائي، البروفيسور جيمس تور James Tour، في مقطع فيديو قصير وظريف وشهير له على اليوتيوب "كيف تحصل
على DNA دون غشاء الخلية؟ وكيف تحصل
على غشاء الخلية دون DNA؟"،
معترفًا بأنه لا يفهم تراكمية التطور، فكل جزء لا بد أن يكون موجودًا، ولا يمكن
تصور أن الأجزاء وُجدت تباعًا.
https://www.youtube.com/watch?v=_y-_UXuCqjY
https://www.youtube.com/watch?v=_aVNfx5fJh0
ولكن
التطوريين لا ييأسون، وخيالهم واسع يساعدهم في اختلاق السيناريوهات التي تصحبنا
دائمًا في رحلة عميقة عبر الزمن حيث لا أحد يراقبهم، مما يُطلق العنان لخيالهم.
تطور مستقبلات الهرمونات بالتسّقيل!
وكتطبيق
لاعتراض التسقيل في مجال الكيمياء الحيوية، قام مجموعة من الباحثين التطوريين
بإجراء بحث عما أسموه "التطور المعقد لمستقبلات الهرمون عن طريق الاستغلال
الجزيئي" Evolution of Hormone-Receptor Complexity by Molecular
Exploitation، والبحث منشور في مجلة Science، في أبريل 2006 .
Jamie T. Bridgham, Sean M. Carroll, Joseph W. Thornton
(07 Apr 2006). Evolution of Hormone-Receptor Complexity by Molecular
Exploitation. Science. Vol. 312, Issue 5770, pp. 97-101
http://science.sciencemag.org/content/312/5770/97
وجاء
فيه: "وفقًا للنظرية الداروينية، فإن التعقيد يتطور من خلال عملية متدرجة من
التفصيل والتحسين في ظل الانتخاب الطبيعي. ويبدو أن النظم البيولوجية المكونة من
أجزاء متكاملة بإحكام تتحدى هذا الرأي، لأنه ليس من الواضح كيف يمكن اختيار وظيفة
أي عنصر ما لم يكن الشركاء الذين يتفاعل معهم موجودين بالفعل. هنا نوضح كيف لنظام
جزيئي متكامل -التفاعل الوظيفي المحدد بين الهرمون المنشط الألدوستيرون وشريكه
مستقبلات مينيرالوكورتيكويد- أن يتطور من خلال عملية داروينية متدرجة. باستخدام عملية
إحياء الجينات الموروثة، تبين لنا أنه، قبل فترة طويلة من تطور الهرمون، كانت
الأُلفة بين المستقبل والألدوستيرون موجودة باعتبارها منتجًا ثانويًا هيكليًا
لشراكتها مع الروابط القديمة المشابهة كيميائيًا. إدخال تغييرات في اثنين من
الأحماض الأمينية في تسلسلات الأسلاف يلخص تطور تخصيص المستقبلات الحالية. وتشير
نتائجنا إلى أن التفاعلات الضيقة يمكن أن تتطور عن طريق الاستغلال الجزيئي - توظيف
جزيء أقدم، كان مقيدًا في السابق لدور مختلف، في مجمع وظيفي جديد".
“According to Darwinian theory, complexity
evolves by a stepwise process of elaboration and optimization under natural
selection. Biological systems composed of tightly integrated parts seem to
challenge this view, because it is not obvious how any element's function can
be selected for unless the partners with which it interacts are already
present. Here we demonstrate how an integrated molecular system—the specific
functional interaction between the steroid hormone aldosterone and its partner
the mineralocorticoid receptor—evolved by a stepwise Darwinian process. Using
ancestral gene resurrection, we show that, long before the hormone evolved, the
receptor's affinity for aldosterone was present as a structural by-product of
its partnership with chemically similar, more ancient ligands. Introducing two
amino acid changes into the ancestral sequence recapitulates the evolution of
present-day receptor specificity. Our results indicate that tight interactions
can evolve by molecular exploitation—recruitment of an older molecule,
previously constrained for a different role, into a new functional complex.”
http://science.sciencemag.org/content/312/5770/97
ووُريقات
هذه الدراسة الأربع ليست أكثر من سيناريو تطوري جديد، منسوج من الخيال عن ماضٍ لم
نره، وعلينا أن نتعامل معه على أنه حقيقة! يرسم تصورًا للشجرة الفيلوجينية
لمستقبلات هرمونات الستيرويد، قام الباحثون بتصور شجرة عائلة الجينات لـ 59 من
السيترويدات وتتابعات الأحماض الأمينية للمستقبلات المرتبطة بها.
وتتبع
المسار التخليقي وفقًا للتطوريين لم يخلُ كالعادة من أيقوناتهم الشهيرة، فالحديث
يبدأ من السلف المشترك للفقاريات، ويفترض حدوث تضاعف جيني، وتفرع بناءً عليه،
وتغيرات مفترضة حدثت في تتابعات الأحماض الأمينية، ولا يخلو من ذكر الأُلفة
الكيميائية.
والمُحيِّر
في الأمر هو دعاوي التطوريين العريضة ضد المؤمنين، وإطلاق الاتهامات ضدهم بالخيال
الواسع لقبولهم وجود خالق (مصمم) يقف وراء التعقيدات في كافة الأنظمة الحيوية وغير
الحيوية في الكون، بينما هم على استعداد لقبول أي سيناريو مهما صعب وغار في عمق
الزمن المفترض وتعددت مراحله وضاعت منطقيته، للتصديق في النهاية بأن المواد غير
العضوية قد تراصت بشكل ما لتكوين مواد عضوية، وتغير تراصها مرات ومرات، وحُذف
وأُضيف إليها، لتخرج لنا أنظمة حيوية متخصصة دقيقة فعّالة بانتخاب أمهم الطبيعة!